ثقافة - سياحة - تراث - Culture - Tourisme - Patrimoine

تاريخ التخصصات الطبية في لبنان Médecine - Liban

, بقلم محمد بكري


جريدة السفير اللبنانية

جريدة السفير
ألإثنين 03/12/2012 - العدد 12347
ملاك مكي


تاريخ التخصصات الطبية في لبنان : علوم وناس


البروفسور بوست مؤسس ورائد طب التخدير في لبنان أثناء أحد الدروس

يشيرون بأصابعهم إلى صورهم القديمة، تلك التي تنبعث منها رائحة ذاكرة غنية أو هواء قرن. يتردّدون في معرفة تاريخ الصور، يبحثون عن وجوه أصدقاء وزملاء، ويتذكّرون. غزا الشيب رؤوسهم، ولوّنت معارفهم وجوههم، وحملوا تجاربهم ليقصّوا تاريخ التخصصات الطبية في لبنان. يقول عالم الاجتماع الفرنسي أوغست كونت: «لا يمكن معرفة علم معين بشكل كامل من دون معرفة التاريخ».

مئة عام من طب الأشعة في لبنان، قصص قصيرة من طبّ الجراحة، حكاية الأطباء الأولين، تاريخ الطب النفسي وطب الإنعاش والتخدير... شكلت تلك العناوين رحلة طويلة في مؤتمر «تاريخ التخصصات الطبية في لبنان»، الذي نظّمته «جمعية قدامى كلية الطب في جامعة القديس يوسف»، السبت الماضي. وجاء المؤتمر تحية تقدير للبروفسور فؤاد بستاني الذي رحل في تشرين الأول الماضي، تاركا إرثاً غنياً في مجال الصحة والعلوم الطبية.

تقول رئيسة الجمعية البروفسورة ماري كلير انطكلي إن «تاريخ الطب هو تاريخ الناس، تاريخ إبداعهم وعبقريتهم في العلاج، والتخفيف من الألم، وتوفير الشفاء». ويذكر بستاني، في ورقته «مئة عام من تاريخ طب الأشعة في لبنان»، التي كان من المفترض أن يقدّمها في المؤتمر وألقتها انطكلي، مقولة الطبيب الفرنسي جان نيكولا كورفيسار إن «الجنون الحقيقي هو ادعاء تجاهل الأجداد والأمل في العيش من دون تعاليمهم. يجب على الطبيب أن يضيف إلى حياته حيوات معلميه. الطبيب الحقيقي هو الذي يعرف كيف يقرأ في ذكريات أسلافه كما في نظرات مرضاه».

الأطباء الأوائل

لم يمتلك عدد كبير من ممارسي الطب في القرن التاسع عشر في لبنان الشهادات العلمية، على الرغم من وجود كليات طب في مصر وتركيا. ما دفع الأمير بشير في العام 1837 إلى الطلب من الطبيب الفرنسي انطوان كلوت أن يصطحب معه بعض الشبان اللبنانيين لدراسة الطب في كلية الطب في القاهرة، الكلية الوحيدة في العالم العربي التي تأسست في العام 1827. وقدم الأمير بشير حينها مصاريف السفر والإقامة.

يلفت البروفسور ادغار جدعون إلى أن الأطباء الأوائل لم يتركوا كثيراً من المعلومات في شأن دراستهم في مصر. تركزت سنواتهم الأولى على دراسة العلوم الأساسية، والسنوات الأخيرة على علم التشريح والأنسجة مع الموافقة على مبدأ التشريح. وكان يشار إلى طب العيون، وفق جدعون، بالكحالة من أصل كحل. يحضر في يوم الامتحان في كلية الطب المشايخ والرهبان، وكبار رجال الدولة ويعرف الطبيب بـ«الطبيب - الحكيم»، إذ لا ينحصر دور الطبيب في علاج الجسم بل هو حكيم في الرؤية والعقل.

ويذكّر جدعون بأن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» في بيروت تأسست في العام 1867، وفي «جامعة القديس يوسف» في العام 1883.

مئة عام في طب الأشعة

في العام 1897، وفق ورقة بستاني، ضمّ مختبر العلوم الطبيعية في كلية الطب في «الجامعة الأميركية» في بيروت آلة بدائية يستخدمها أطباء الصحة العامة لرؤية الهياكل العظمية والأجسام الغربية لمدة دقائق أو ساعات طويلة. وقام الأب موريس كولنجت، في العام 1900 وفي مدة ثلاثين دقيقة، بالصورة الشعاعية الأولى للصدر. وتعود أولى التجهيزات بالأشعة السينية في العيادات الخاصة في مدينة بيروت إلى الطبيبين الحاج ويوسف شرابييه في العام 1912. وشهد طب الأشعة في العام 1925 تطوراً ملحوظاً في لبنان. وينقل بستاني مقولة الطبيب الفرنسي جورج دوهاميل: «لا أخاف من الآلة، أو من عدد الآلات بل من طريقة استخدامها، والأثر الذي من الممكن أن تتركه على الإنسان، ومن الآلة الموجودة في داخلي، لأنني أريد أن أبقى رجلاً إنساناً».

التخدير والإنعاش

لجأ اللبنانيون، قبل العام 1850، إلى أشخاص غير مختصين يجولون القرى والبلدات لمداواة الأشخاص ويعرفون بـ«المغربي» من دون تسجيل عمليات جراحية مهمة. واعتبر الدكتور ابراهيم نجار الطبيب الأول الذي استخدم مشروبات مسكرة لإجراء تدخلات جراحية غير مؤلمة. واستخدمت مادة «كلوروفورم» للمرة الأولى في لبنان في العام 1865 على كلب ومن قبل الطبيب الأميركي جورج بوست. تذكر البروفسورة باتريسيا يزبك بأن الطبيب بوست هو مؤسس ورائد طب التخدير في لبنان الذي ضم في العام 1952 خمسة أطباء مختصين في طب التخدير. تأسست الجمعية اللبنانية للتخدير والإنعاش في العام 1962 وترأسها الدكتور ريمون أسمر. ويوجد اليوم 450 طبيباً متخصصاً في التخدير والإنعاش في لبنان.

الأمراض الجلدية

يذكر عميد كلية الطب في «جامعة القديس يوسف» البروفسور رولان طنب، وفي سرده تاريخ طب الأمراض الجلدية في لبنان، الأطباء شارل بلس، شارل وبستر ووالتر آدامز من «الجامعة الأميركية» في بيروت. ساهم آدامز، منذ العام 1899، في تقدم طب الأمراض الجلدية في لبنان والمنطقة. واشتهر الطبيبان حبيب تابت وجورج خبصة في العشرينيات في مدينة بيروت. يذكر طنب بأن الطبيب دانيال أشر (1877-1958) كان من الرائدين في اختصاص الأمراض الجلدية في «القديس يوسف» و«الأميركية». وبرز الدكتور اميل تابت الذي بدأ التعليم في «القديس يوسف» في العام 1965. وتأسست «الجمعية اللبنانية لأطباء الأمراض الجلدية» الأولى في العام 1963، ضمت عشرة أعضاء، وترأسها الدكتور هرانت شاغلاسيان ( 1905-1965).

الطب النفسي

يعيد رئيس قسم الطب النفسي في «مستشفى اوتيل ديو» الدكتور سامي ريشا تاريخ الطب النفسي في لبنان إلى أربعة مراكز مختصة بالأمراض النفسية والعقلية: العصفورية الذي أسسه الدكتور تيوفيلوس والدمير ( 1832-1915) وافتتحت في آب 1900، دير الصليب الذي أسسه الأب يعقوب في العام 1919، وحوّله إلى مأوى في العام 1937، وإلى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية في العام 1951، ومستشفى دار العجزة الإسلامية الذي أنشئ في العام 1952، ومستشفى الفنار للأمراض العقلية والعصبية في المصيلح الذي أسسه الدكتور عبد الرحمن اللبان في العام 1962. ويلفت ريشا إلى أن مجلة «الأمل» كانت تصدر في الستينيات وتنشر مقالات عن الأمراض النفسية والعقلية. وتأسست «الجمعية اللبنانية للطب النفسي» في العام 1983 وترأسها الدكتور عادل عقل.

عن موقع جريدة السفير اللبنانية


صدر العدد الأول من جريدة السفير في 26 آذار 1974، وكانت ولا تزال تحمل شعاري “صوت الذين لا صوت لهم” و “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”.
اليوم، وبفضل تقنيات الاتصال الحديثة والإنترنت، تخطت السفير مصاعب الرقابة والتكاليف الباهظة للطباعة في الخارج وتمكنت من الوصول إلى قرائها في القارات الخمس.
تتضمن صفحات السفير الأخبار والتغطية الميدانية للأحداث في السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والرياضة والترفيه، بالإضافة إلى التحقيقات الميدانية والعلمية والبيئية.
وتتولى تغطية الأحداث اليومية مجموعة صحفيو السفير ومراسلوها في واشنطن وباريس ولندن والقاهرة وفلسطين ودمشق وعمان وموسكو وروما وبون، مستعينون كذلك بالخدمات الإخبارية التي توفرها وكالات الأنباء العالمية.
لقراءة المزيد


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)