بيروت يا بيروت في متحف حضارات أوروبا ودول البحر المتوسط مرسيليا من 4 إلى 26 حزيران (يونيو) 2016

, بقلم محمد بكري


جريدة الأخبار اللبنانية


العدد ٢٨٧٨ الخميس ٥ أيار ٢٠١٦
جريدة الأخبار
ادب وفنون


MUCEM في مرسيليا : بيروت يا عاصمة الذكريات والحروب


محمد همدر


من فيلم رين متري «لي قبور في هذه الأرض»


بدءاً من الأمس، انطلقت سلسلة فعاليات ثقافية بتنظيم من «متحف حضارات أوروبا ودول البحر المتوسط» MUCEM في مرسيليا الفرنسية. أسماء مهمّة في فنون وكتابات بيروت المعاصرة، وأعمال متنوّعة ستقدم عاصمة الذكريات والحروب، من خلال عروض حيّة، وتجهيزات فنية، وندوات، وعروض سينمائية وموسيقية تستمر حتى 26 حزيران (يونيو) بعنوان «بيروت يا بيروت».

«كيف ندخل الى المدينة؟ كيف نكتشف ايقاعها ونشعر بنبضاتها؟» سؤال طرحه تييري فابر، مدير قسم البرمجة والعلاقات الدولية في Mucem. يذكر فابر في افتتاحية الملحق الخاص بالمهرجان «أنّ بيروت تنام تحت بركان منذ سنوات... وتكاد حروب المنطقة أن تجرفها». ويضيف أنّ الذكريات والحروب، شكّلت الخيط الذي قاد فريق عمله الى اكتشاف بيروت المعاصرة. قرّر القائمون على المتحف أن تكون بيروت أول مدينة متوسطية يتم تكريمها، على أن تتبعها مدن متوسطية أخرى في الأعوام المقبلة، في إطار توجّه المتحف للاهتمام بفنون المتوسط المعاصرة.

أمس، افتتحت اللقاءات الأدبية الأسبوع الأول من «بيروت يا بيروت» مع قراءات وحوارات حول جان جينيه وبيروت، تتبعها قراءات من مقاطع أدبية معاصرة وندوات بمشاركة أسماء عدة منها حسن داوود، نجوى بركات، دارينا الجندي، فادي طفيلي، هيام يارد، شريف مجدلاني، أوليفر روهي، وبيار بارلان.

سينمائياً، يستضيف المتحف أعمالاً تدور في فلك الحرب الأهلية اللبنانية وآثارها وتبعاتها يستهلّها بـ «نهلة» (1979) للمخرج الجزائري فاروق بلوفة (20/5) الذي كان أول فيلم عربي تناول الحرب اللبنانية. وفي اليوم التالي، يعرض وثائقي «هدنة» لميريام الحاج (2015) الذي يدور أيضاً في فلك الحرب، يتبعه عرض فيلم «بيت بيوت» (2014) لنادين نعوس، إلى جانب فيلم الراحلة رندة الشهال «متحضرات» (1999)، و«ليلى والذئاب» لهيني سرور.

تتواصل العروض السينمائية (22/5) مع رين متري وشريطها الممنوع عرضه في لبنان «لي قبور في هذه الأرض» (2015)، و«1974 استعادة نضال» (2012) لرانيا ورائد الرافعي، بالإضافة الى لقاء خلال النهار، مع صانعات أفلام من لبنان، لتشارك تجاربهنّ حول طاولة مستديرة تجمع ميريام الحاج، رين متري، رانيا الرافعي، كاتيا صالح وجنان داغر. ويعرض فادي يني تورك عمله «مومنتوم» (2015) في 28/5 تليه ندوة مع المخرج حول عمله عن نصب ساحة الشهداء. تتخلّل المهرجان أمسيتان موسيقيتان: الأولى مع ريما خشيش والفرقة (8/5) والتالية مع ربيع أبو خليل تريو (18/6) وفرقة «غوروميان» للإلكترو روك. ويخصّص المتحف يومي 4 و5 حزيران للعروض الحيّة مع سيرين فتّوح في عمل تقدم فيه تاريخ لبنان عبر أعمال فنية وسينمائية لبنانية، وعرض لأحمد غصين بعنوان When the ventriloquist came and spoke to me، وعرض «لا شيء للتصريح» لمجموعة «ديكتافون».

وفي مجال التجهيزات الفنية، يشارك غسان سلهب (عرض بصري/سمعي)، وراني الراجي (نزهة وطرق مختصرة) وباتريك لافون (الخط الأخضر) مشاريعهم ابتداء من الخميس 12 أيار.

للمفارقة أن جميع الأسماء المذكورة، ستحيي أمسيات بيروت الثقافية في مرسيليا، في موقع كالـ MUCEM فيما ترعى وزارة الثقافة اللبنانية هنا أو لا ترعى احتفالاً تكريمياً لليال عبود في قصر الأونيسكو !

البداية كانت أمس مع بيروت و«جان جينيه» بحضور ليلى شهيد التي رافقت جينيه في رحلته الشهيرة الى مخيم شاتيلا، ومشاركة ألبير ديشي في لقاء حول نصّ «أربع ساعات في شاتيلا» لجينيه وقراءة للممثلة ماري ميكلا. وتتواصل الندوات والقراءات اليوم الخميس في محطتين حول جينيه أيضاً، مع ديشي، والمؤرخ الفني تييري دوفرين المتخصص في جياكوميتي، إلى جانب دومينيك أده، إيمانويل لامبير وقراءة للممثل لروبير كانتريلا.

«بيروت يا بيروت»: حتى 26 حزيران (يونيو) ـــ «متحف حضارات أوروبا ودول البحر المتوسط»

عن موقع جريدة الأخبار اللبنانية

 المقال في جريدة الأخبار اللبنانية بالـ pdf


مقالات «الأخبار» متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، ٢٠١٠
(يتوجب نسب المقال الى «الأخبار» ‪-‬ يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية ‪-‬ يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص)
لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا


بيروت يا بيروت في متحف حضارات أوروبا ودول البحر المتوسط (Mucem)

بيروت يا بيروت على موقعنا



جريدة الحياة


الخميس، ٥ مايو/ أيار ٢٠١٦
جريدة الحياة
مرسيليا - أوراس زيباوي


مسيرة جان جينيه «الوحيد» بالوثائق والصور


يستعيد متحف «موسم» المتخـــصص في الحــضارات الأوروبية والمتوسطية في مرسيليا، محطات أساسية في مسيرة الأديب الفرنسي الراحل جان جينيه، من خلال معرض جميل مقام حالياً تحت عنوان «جان جينيه»، وهو يتزامن مع مرور ثلاثين عاماً على وفاته. أشرف على المعرض المدير الأدبي لمعهد «مذكرات النشر المعاصر» في باريس ألبير ديشي، والكاتبة والباحثة إيمانوييل لامبير، وهما متخصصان في أدب جان جينيه.

يضم المعرض وثائق نادرة، منها مخطوطات لأعماله منذ بداية صدورها وصور فوتوغرافية وملصقات... وهي موزعة على ثلاث قاعات تجمع بينها منحوتة بعنوان «الرجل الذي يمشي» للنحات السويسري الراحل ألبرتو جياكومتي، الذي كان صديقاً له. وبالقرب من هذه المنحوتة التي تعدّ من أعماله المعروفة، تطالعنا أيضاً لوحة بورتريه لجان جينيه أنجزها جياكومتي عام 1955، مع رسم آخر تخطيطي لوجهه.

تمّ تخصيص الصالة الأولى في المعرض لكتاب جينيه وعنوانه «يوميات لص» الذي صدر عام 1949، ونقله الى العربية في صورة متقنة المترجم الفلسطيني أحمد عمر شاهين، وصدر عام 1998 عن دار «شرقيات» في القاهرة. نقرأ في هذه اليوميات ما كتبه جينيه عن الزهرة التي تحمل اسمه «جينيه»، أي زهرة الوزّال التي كان يشعر بأن ثمة رابطاً عميقاً يجمعه بها. وكانت طالما استوقفته وهو عائد في المساء من زيارة أطلال «تيفوج»، حيث كان يعيش جيل دوري «فأرنو إليها بخشوع ومحبة، ويبدو أنّ مشكلتي تكمن في الطبيعة التي تحكمت في عاطفتي، واتسقت معها، فأنا وحيد في هذا العالم، ولست متأكداً إذا كنت ملك هذه الزهور أو شيطانها، فهي تبدي لي الإجلال حين أمرّ فتنثني دون انحناء، لكنها تعرفني، وتدرك أني كيانها المتحرك وممثلها الرشيق هازم الرياح. هي شعاري، ومن خلالها تمتد جذوري في تلك التربة الفرنسية التي تغذت على العظام المسحوقة للأطفال والشباب الذين ضاجعهم جيل دوري ثم ذبحهم وأحرقهم… وهكذا عبر اسمها الذي أحمله، أصبحت المملكة النباتية هي أليفتي، أنظر إليها باحترام لا بشفقة، فهي أفراد عائلتي وإذا ربطت نفسي بالممالك السفلي، فإن هبوطي هناك، كان لأجل الطحالب ونبات السرخس ومستنقعاته، وابتعدت أكثر عن البشر».

في «يوميات لصّ»، يروي جينيه سيـــرته بعــد أن تخلّت عنه والدته وهو لم يبلغ بعد العام الواحد، وأودعته بسبب الفقر في المؤسسة العامة لرعاية اللقطاء. وبسبب الطفولة الجريحة والكسل، على حدّ تعبيره، سيصبح جينيه لصاً وستقوده السرقة إلى الإصلاحية التي كان من المفترض أن يبقى فيها حتى الواحدة والعشرين من عمره. لكنه سيهرب منها ليتطوّع في الجيش، وقد قادته الجندية إلى دول كثيرة منها المغرب والجزائر وسورية… ولن يستمر في الجيش بل إنه سيهرب مجدداً ليعود الى التشرد والسرقة.

في هذا المعرض، تُعرَض وللمرة الأولى وثائق تعرّف أكثر بوالدته التي حمل جينيه اسمها. من تلك الوثائق، رسائلها الحزينة التي تعلن فيها عن قرارها بالتخلي عنه ضد رغبتها. كما تطالعنا الرسالة التي كتبها جينيه لمؤسسة رعاية اللقطاء لمعرفة أصوله... باختصار، نحن هنا أمام أبرز الوثائق التي تشهد على مسيرة غير عادية موزعة بين التشرد والجريمة والمثلية الجنسية، ومنها استوحى الكاتب الكثير من شخصيات رواياته ومسرحياته.

من بدايات جينيه مع «يوميات لص» إلى مسرحه، وبالتحديد مسرحية «الستائر» أو «البرافانات» التي كتبها عام 1961، وتُعدّ علامة فارقة ليس فقط في نتاجه الإبداعي، بل في تاريخ المسرح الحديث ككل. في هذه المسرحية، روى جينيه فصولاً من الاحتلال الفرنسي للجزائر منذ عام 1830 وحتى حرب التحرير، وعبّر فيها بلغة شعرية مكثفة عن مواقفه السياسية ووقوفه إلى جانب المظلومين من دون اللجوء الى خطاب سياسي مباشر. ونشاهد في المعرض، رسوماً ملوّنة للأزياء التي صمّمها أندريه أكار، ونسخاً من طبعتها الأولى وصوراً ووثائق عن المرة الأولى التي عُرضت فيها المسرحية عام 1966، على خشبة مسرح «الأوديون» الشهير في باريس، وكانت من إخراج روجيه بلين. وقد أثارت وقتها ردود فعل غاضبة من الفرنسيين الذين كانوا لا يريدون وقف الحرب، وكانوا مع استمرار سياسة فرنسا الاستعمارية، واعتبروا عرضها فضيحة سياسية حتى لو لم تكن تسمّي الأشياء بأسمائها.

القاعة الثالثة من المعرض، وهي مخصصة للمرحلة الأخيرة من حياة جان جينيه، وفيها توقّف عن الكتابة ليعود إليها مع نص بعنوان «أسير عاشق» صدر عام 1986، وقد وضع فيه خلاصة علاقته بالفلسطينيين الذين عرفهم منذ مطلع السبعينات، عندما أقام في الأردن متنقلاً بين قواعدهم ومخيماتهم، ووجد في قضيتهم مختصراً للقضايا الإنسانية التي طالما هيمنت على كتاباته منذ بداياته. ويعد كتاب «أسير عاشق» في مثابة وصيّته، وقد صدر بعد وفاته. في شريط فيديو يبثّ في المعرض، يتعرف الزائر إلى شهادات من بعض الشخصيات العربية التي عرفته عن قُرب وكانت على صلة عميقة بشخصه ونتاجه، وأولها الديبلوماسية الفلسطينية ليلى شهيد التي دخلت معه عام 1982 مخيم صبرا وشاتيلا بعيد حدوث المجزرة في شهر أيلول (سبتمبر). ومن مشاهداته هناك، استوحى جينيه نصّه الفذّ الذي يحمل عنوان «أربع ساعات في شاتيلا»، والذي نشر عام 1983 في «مجلة الدراسات الفلسطينية».

وواكب المعرض صدور كاتالوغ مميّز بصياغته وإخراجه، وقد استهلّته المشرفة عليه إيمانويل لامبير التي قدّمت مراجعة لسيرة جينيه ومؤلفاته، وموقعه في العصر. وأشارت إلى فهمه معنى الحرية وقد اختزله ذات يوم من أيام ١٩٦٨، وأمام تجمّع من الطلبة، بقوله: «على الإنسان أن يكون وحيداً، فقيراً ومجهولاً»… في الكاتالوغ تطالعنا أيضاً محتويات المعرض، إضافة إلى فقرات من بعض كتبه، وإلى مراجعة للظروف التي التقى فيها النحات ألبرتو جياكومتي ولما كتبه عن محترفه وفنّه.

يبقى أخيراً أنّ جان جينيه وبعكس ما قــــالــــه عن نفسه، قبل فترة وجيزة من رحيله، إنه لم يترك الشيء الكثير، تركَ الكثير، أدباً ومسرحاً وشهادات إنسانيّة. نصوصه المسرحيّة قُدّمت في مــــسرح «الكوميديا الفرنسية»، وكتبه صـــدرت عن دار «غاليمار»، أما نتاجه فـــي صورة عامّة فلاقى ترحاباً على المستوى العالمي، وكُرّست له كتب ودراسات كثيرة من بينها ما يحمل تـــوقيع كلّ من الفيلسوفين جان بــول سارتر وجاك ديريدا. هكذا كان «الأسير العاشق» وحيداً، لكنّه كان مُشعاً، ولم يكن معزولاً على الإطلاق.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)