باء مثل بيت... مثل بيروت، إيمان حميدان يونس (لبنان)، رواية Baa Mithl Beith Mithl Beirut, Imane Humaydane-Younes ( Liban), Roman

, بقلم محمد بكري

في روايتها الصادرة عن دار المسار للنشر والأبحاث والتوثيق في بداية العام 1997، بعنوان باء مثل بيت... مثل بيروت رسمت الكاتبة اللبنانية إيمان حميدان يونس صوراً عن حاضرها وواقعها التي عاشت فيه، صوراً عكست من خلالها الواقع بكل تفاصيله، لترسم الإنسان بكل حالاته في قوته وضعفه في أنانيته وإنكساراته وانتصاراته، وهي لم تغفل في قصتها تدوين أحاسيسها، هذه الأحاسيس المشتركة التي أحس بها كل لبناني في أيام الحرب.

وتجدر الاشارة إلى ان الرواية، كما وصفتها جوزيان سافينو في تعليق لها عليها في جريدة اللوموند الفرنسية، لا تمثل وثيقة عن حرب لبنان بل قصة جميلة بلا زخرفة عن الدمار والعنف وهو يقتل ويُقوِّض كيان هؤلاء الذين استمروا بعده.

ولدت إيمان حميدان يونس عام 1956 في عين عنوب (عالية)، وتلقت دروسها الابتدائية والثانوية في عالية ثم التحقت بالجامعة الأميركية ببيروت، حيث نالت في عام 1980 إجازة في العلوم الاجتماعية، وعاشت الكاتبة في كنف بيئة تتسم بأمرين: التسامح المفضي إلى التزاوج بين المذاهب والأديان، والهجرة المستأنفة منذ القرن التاسع عشر إلى العالم الجديد، وإلى جانب الكتابة تنشط إيمان حميدان يونس في مجالي البيئة وحقوق الإنسان حيث كتبت عدة دراسات حول التنمية والبيئة في لبنان ما بعد الحرب، كما أنها تساهم، كصحفية ومعلقة، في بعض الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

وفي الرواية ترسم الكاتبة اللبنانية صوراً عن حاضرها وواقعها التي عاشت فيه، صوراً عكست من خلالها الواقع بكل تفاصيله، لترسم الإنسان بكل حالاته في قوته وضعفه في أنانيته وانكساراته وانتصاراته، وهي لم تغفل في قصتها تدوين أحاسيسها، هذه الأحاسيس المشتركة التي أحس بها كل لبناني في أيام الحرب.

وتدور أحداث الرواية في بناية سكنية تتقابل فيها البطلات الأربع، تعكس صورة المجتمع اللبناني، فالحرب الأهلية اللبنانية الذاكرة الحية لكل اللبنانيين « ليليان » مسيحية ومتزوجة من شيعي من الجنوب هُجّرت عائلته في الحرب من القرية التي يعيشون بها، فانتزعوا عنوةً حق الضيف في ذلك المسكن البيروتي الضيق، وحول غرف البيت تحوم « وردة » المهزوزة نفسياً التي دفعها أقرباؤها دفعاً إلى الزواج من رجل يكبرها بسنوات كثيرة، ولا تعيش وردة إلا على القهوة والسجائر، ذارفةً الدمع على بناتها بعد أن حرمها زوجها من حق رعايتهن.

أما نظرات رجال المليشيات القابعين في الشوارع تكاد تلتهم « مهى » التي قُتل رفيق حياتها في الحرب الأهلية، وتسافر مهى أحياناً إلى قريتها الموصومة بوصمة الحرب، أما كاميليا فقد نشأت مثل مهى في عائلة درزية، وتركها والداها مبكراً وديعة لدى العمة والجدة حتى يتفرغا هما لجمع المال خارج البلاد، حيث أضحت كاميلا الآن شابة، وهي دائمة التنقل بين الرجال والأحزاب، مثيرةً انتباه كل من يقابلها بثقتها الساحرة والوقحة في نفسها، ولكن هذه الثقة ليست في واقع الأمر سوى ستار يخفي قلقها وافتقادها للأمان.

وبثراء هائل من التفاصيل الدقيقة تعرض الرواية أكثر الفترات سواداً في لبنان من خلال الشخصيات المحورية في الرواية وما يتعرضون له من مآس، فعشيق كاميليا الأول، وهو مسيحي، يُعثر عليه في الجبال مقتولاً، أما الرجل التي تثق فيه أخيراً بعد سنوات طويلة فيزيحه منافس غيور آخر من طريقه بالطريقة الدموية الشائعة في الحرب الأهلية، وفي الشقة الضيقة المكدسة التي لم تعد تسمح بممارسة أفعال حميمية تصارع ليليان من أجل بقاء زوجها المصاب جسدياً والمهشم روحياً على قيد الحياة، ويظل الموت بعيداً عن وردة لأن جسد والدها يتلقف بدلاً عنها شظايا القنبلة التي انفجرت، غير أن الشياطين تسكن بدنها دون أن يعرف القارئ تماماً أي ذنب تجسده تلك الشياطين.

وقد كتب الكثير من المثقفين والصحفيين والنقاد عن هذه الرواية الجريئة نذكر منهم على سبيل المثال الشاعر المصري أحمد فضل شبلول الذي كتب مقالاً بعنوان باء مثل بيت مثل بيروت، ونساء في مواجهة الحرب على موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب، والروائي المصري محمد العشري الذي كتب مقالاً، نُشر في جريدة النهار اللبنانية في التاسع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2006، بعنوان باء مثل بيت... مثل بيروت لإيمان حميدان يونس عن أربع نساء في حرب قيل إنها انتهت.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)