الوشم من فن فرعوني إلى هوَس بين المشاهير

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الأحد، ٨ يونيو/ حزيران ٢٠١٤
جريدة الحياة
الإسكندرية – سامر سليمان


علامات ورموز وزخارف إبداعية خضراء وزرقاء وحمراء وسوداء، حوّل فيها الوشم (التاتو) الجسد كفضاء غير تقليدي، إلى مساحات تشكيلية ولونية وخطوط ورموز بمختلف اللغات، أوأشكال أيقونية ذات دلالات عديدة وعميقة لدى الشعوب. وظل الوشم برموزه وأشكاله وخطوطه من بين أهم وسائل الزينة وتجلياتها.

عرف الفراعنة الوشم منذ آلاف السنين، وكان يستخدم لدى النساء لأغراض التجميل في غياب المساحيق الملونة، خصوصاً في منطقة الحاجبين والشفتين لتضخيمها والرقبة، حيث كان يوخز بالإبر شكل قلادة عريضة، كما استخدمه الكهنة في المعابد، إذ وجد على بعض المومياءات الفرعونية، ويُملأ بأصباغ معدنية ومواد عشبية كان يطلق عليها «ماء الإله».

ارتبط الوشم كذلك بالديانات الوثنية التي اعتبرته رمزاً للآلهة حيث كان ينقش الوشم، وهي عادة ما زال يحتفظ بها أقباط مصر الذين ينقشون الصليب على الرسغ.

يقول الباحث في التراث الشعبي والنوبي طاهر عبد الوهاب: «استخدم الوشم لطرد الأرواح ولمحاربة الشيطان والقضاء على السحر الأسود ووقايةً من الحسد، واستخدم في العلاج من بعض الأمراض»، لافتاً إلى أن القبائل الأفريقية استخدمته بهيئة علامات ورموز في الجسد كتحقيق للهوية في مجتمعات لا تقرأ. وكان إبراز الوشم يميز الشخص ويعرّف الآخرين به وبقبيلته، واستخدم ضمن مراسم بعض المناسبات مثل الزواج وفي أعياد الحصاد وأثناء الحروب.

ويوضح عبد الوهاب أنه في بلاد النوبة كان يكثر الوشم فوق العين اعتقاداً أنه يقوّي النظر. واستخدمه الإغريق كدليل على الخيانة فكان الجواسيس يوشمون. كما استخدمه الرومان في حلبات المصارعة حيث يوشم كل مصارع بوشم الحيوان الذي يصارعه. ويضيف: «انتقل الوشم ما قبل العصور الوسطى إلى حوض البحر المتوسط وإنكلترا حيث انتشر بين أفراد الأسرة الحاكمة ومن ثم انتقل إلى أوروبا. وفي القرن الـ19، كان بحارة الأسطول الملكي يضعون وشم السلحفاة لمن يعبر خط الاستواء ووشم المرساة لمن يعبر الأطلسي، حتى وصل إلى الصين حيث وَشم التنين». ويؤكد عبد الوهاب أن قياصرة روسيا استخدموه لوشم المساجين وفقاً لجرائمهم وعقوباتهم، كما وشم النازيون مساجينهم بأرقام مسلسلة في معسكرات الاعتقال.

الوشم كفن أيقوني دائماً ما يخترق توقعات الشكل التقليدي للفن، حتى بات الجلد مسرحاً للعديد من الرسوم والرموز. وعن الفرق بين الوشم والتاتو تقول خبيرة التجميل هدير طه: «الوشم هو التاتو ولكن اصطلح على أن الوشم يبقى ولا يُزال إلا بالليزر، وهو عبارة عن ثقوب في الجلد تحدث بواسطة إبرة أو جهاز خاص، ومن ثم تُملأ ببعض المواد والأصباغ، أما التاتو فيزول بعد فترة، وهو عبارة عن رسم ثابت ينفذ إلى الجسم، ويكون من الحناء الطبيعية أو من مواد كيماوية مثل الذهب المخلوط أو الرصاص القابل للزوال‏».

وتؤكد هدير أن الوشم فن إبداعي تقبل عليه النساء في العالم العربي لأغراض تجميلية أو لدرء الحسد، وأغلبه يكون وشم الحواجب ووشم الشفاه ووشم كحل العين، بينما في أوروبا يقبل الرجال أكثر على الوشم، خصوصاً المشاهير.

وصارت رسوم الوشم الفرعونية صرعة بين مشاهير العالم، فقد أضافت المغنية السمراء ريهانا إلى مجموعة الوشوم التي تغطي جسمها وشم الصقر حورس يحلق على شكل مسدس فوق كاحلها الأيمن، وأزالت النجمة أنجيلينا جولي وشم Billy بالليزر لتضع وشم كليوباترا...

ووشم المصارع الأميركي رومان رينز لتضع وشم حورس علامة القوة. حتى جيني والدة وينستون تشرشل، كان لديها وشم عبارة عن ثعبان الكبرى الفرعوني حفر على معصمها، وكانت تغطيه بسوار من الماس، كما كان كينيدي يدق وشماً فرعونياً.

يذكر أن لجنة أوروبية حذرت من أن غالبية الكيماويات المستخدمة في الوشم صبغات صُنِعَت في الأصل لأغراض أخرى، مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة، وأن الأدوات المستخدمة من إبر وقفازات عادة ما تكون غير معقمة.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)