المجلد الأول من موسوعة تاريخ الأدب العربي الانكليزية بالعربية المركز القومي المصري للترجمة - 2017 - ترجمة عبدالمقصود عبدالكريم

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


السبت، ١٣ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨
جريدة الحياة
القاهرة - علي عطا


ترجمة عربية للمجلد الأول من «موسوعة تاريخ الأدب العربي»


يمتد المجلد الأول من «موسوعة تاريخ الأدب العربي»، حتى نهاية العصر الأموي، وقد صدر أخيراً بترجمة عبدالمقصود عبدالكريم عن المركز القومي المصري للترجمة، علماً أن هذه الموسوعة هي من تحرير نخبة من الباحثين، وصدرت عن جامعة كمبريدج في ستة مجلدات بين عامي 1983 و1990. يقدم هذا المجلد مادة وافية تتصل باللغة العربية والخط العربي والشعر الجاهلي والنثر الجاهلي والقرآن والحديث، وأدب المغازي والسيرة والحكايات والأساطير في الجاهلية والإسلام، والشعر الأموي، والشعر والموسيقى. ويتتبع ذلك المجلد الذي جاء في 783 صفحة، التأثير اليوناني والفارسي والسرياني في الأدب العربي، ويضم ملحقاً بيبلوغرافياً يتضمن ترجمات القرآن للغات الأوروبية والإفريقية. وكما تتنوع المواضيع، في الموسوعة عموماً، تتنوع المصادر في شكل هائل وتغطي فترة زمنية واسعة من النقوش الجدارية في العصور القديمة إلى محمد أحمد خلف الله وطه حسين ويوسف السباعي وعبدالله الطيب في القرن العشرين، وتتنوع أيضاً أسماء المستشارين والمساهمين وجنسياتهم واهتماماتهم وانتماءاتهم الفكرية والعقائدية، وفق ما جاء في مقدمة المترجم الذي رأى أن الجامع بين كل هذه الأسماء هو ما قدمته من إنجازات في مجالات الأدب والثقافة العربية.

ولاجظ عبدالمقصود عبدالكريم أن محتوى المجلد أوسع من العنوان الذي يحمله؛ «لا أتحدث عن هذا المفهوم الواسع للأدب كما يوضحه المحررون ويبررون تبنيهم له، بل عن تخطي الفترة الزمنية التي يشير إليها العنوان، وبخاصة، في عرض تأثير القرآن في الأدب العربي، حيث نعثر في فصل عن تأثير القرآن في الأدب في القرون الوسطى؛ على استشهادات مِن شعر أبي نواس والمتنبي وابن الرومي وأبي العلاء المعري وأبي تمام وأبي العتاهية وغيرهم، كما نعثر على استشهادات من نثر أبي العلاء المعري (في رسالة الغفران وكتاب الفصول والغايات) ومن مقامات الحريري، ونقرأ فصلاً عن تأثير القرآن في الأدب المعاصر».

ويضيف: «ينطبق الأمر نفسه عند عرض التأثير الفارسي في الأدب العربي؛ حيث نعثر مثلاً على استشهاد من بخلاء الجاحظ. وفي تناول مصنفات الحديث عند السنة أو الشيعة، لا يوجد سقف زمني. وفي الفصول التي تتناول القرآن والحديث يبدو أن الأمر يتجاوز بكثير علاقتهما بالأدب، ويتشعب إلى أمور أخرى كثيرة. وفي الفصل الخاص بالتأثير اليوناني في الأدب العربي يتكرر الأمر نفسه، ويتجاوز الفصل الأدب بكثير إلى مسائل أخرى. إن المجلد ببساطة هو أقرب إلى أن يكون مقدمة لدراسة الأدب العربي؛ أو حتى مقدمة لدراسة الثقافة العربية على رغم تركيزه على الفترة الزمنية التي يشير إليها، وعلى الموضوع الذي يشير إليه».

وهناك كذلك أفكار تختلف مع ما يؤمن به المسلم، والكثير منها يختلف حوله حتى المؤمنون بالإسلام، ومثل هذه الأفكار التي طرحها المستشرقون كثيراً، هناك الكثير من المؤلفات العربية في الرد عليها. ويقول عبدالكريم في هذا الصدد: «عموماً لا نترجم لننقل أفكاراً نتفق معها بالضرورة، بل العكس تقريباً، أو بالأحرى لنتعرف على آراء وأفكار مختلفة، ونحاول مناقشتها، اتفقنا معها أو اختلفنا».

ويلاحظ كذلك أنه توجد أحياناً اقتباسات عربية لأشخاص تذكر أسماؤهم ولا يذكر المصدر، وتكرر ذلك كثيراً في هذا المجلد. منها مثلاً حالة رأي طه حسين في عبدالحميد الكاتب. وتوجد اقتباسات من كتب عربية مأخوذة مِن مصادر أجنبية، وفي هذه الحالة يشار غالباً إلى المصدر الأجنبي مع تجاهل المصدر العربي الذي أخذ عنه هذا الاقتباس. وتوجد اقتباسات لنصوص عربية مِن ترجماتها الأجنبية؛ وبالطبع تكون الإشارة في الهامش للترجمة الأجنبية ويكون على المترجم مرة أخرى العودة إلى الأصل العربي والبحث في كتاب كامل عن عبارة أو جملة. ويرى عبدالكريم أنه لا بد أن المحررين بذلوا جهداً كبيراً في تحديد العناوين واختيار الكتاب، ويضمون قمماً في الثقافة العربية من العرب والمستشرقين؛ «وأكاد أجزم بأن الكتاب بمثابة مقدمة للثقافة العربية لا غنى عنه لأي مهتم بها».

أما مقدمة المحررين، فجاء فيها أنه لفترة طويلة كان الكتاب الأساسي باللغة الإنكليزية عن تاريخ الأدب العربي، هو كتاب رينولد نيكسون؛ أستاذ كرسي السير توماس آدمز للعربية في جامعة كمبريدج؛ «التاريخ الأدبي للعرب»، ونشر للمرة الأولى في 1907. والمسح العام الوحيد الذي ظهر بالإنكليزية منذ ذلك الوقت هو كتاب هاملتون جب «الأدب العربي» (أكسفورد، 1926، طبعة ثانية منقحة 1963) وهو مكثف جداً ولا يزعم بأنه يغطي المجال الهائل للأدب العربي بعمق. ومنذ بداية القرن ظهر عدد هائل من مخطوطات لم تكن معروفة من قبل وصنفت، ونشرت مجموعة ضخمة من النصوص الكلاسيكية ونصوص القرون الوسطى وما بعدها في طبعات مختلفة الجودة، وتمكن مقارنة المجلدين الصغيرين الأصليين لكارل بروكلمان «تاريخ الأدب العربي»، بالمجلدات الثلاثة الضخمة لملحقه (ظهر آخرها في 1942)، وتمكن مقارنتها بدورها بالمجلدات الستة الكبيرة لكتاب فؤاد سزكين «تاريخ الأدب العربي قيد الإعداد (يقول المترجم إنه صدر بالألمانية في 13 مجلداً، 1967- 2007، وترجمه محمود فهمي حجازي تحت عنوان «تاريخ التراث العربي»)، لكنه يغطي الأدب فقط إلى سنة 1039م لفهم التطورات الهائلة التي تمت. وإضافة إلى ذلك لم يتناول أي عمل الأدب العربي في ماليزيا أو نيجيريا أو إندونيسيا، وفي شكل طفيف فقط يتم تناول الأدب العربي في الهند وشرق إفريقيا وأماكن أخرى، في القرون الوسطى أو العصر الحديث. ومنذ زمن نيكلسون زاد عدد العلماء الغربيين الذين اشتغلوا بالدراسات المرتبطة بالأدب العربي زيادة هائلة؛ وإضافة إلى ذلك صار العلماء الغربيون على اتصال أوثق بأقرانهم في الأقطار العربية إلى جانب أنهم كثيراً ما يتعرفون على تلك الأقطار بأنفسهم بطريق لم تكن ممكنة في بداية القرن. ووفق مقدمة محرري المجلد الأول من تلك الموسوعة، لم تكن الجزيرة العربية في القرن السادس بلداً من البربر الأجلاف (ص 25). واعتبر سكان شبه الجزيرة العربية ككل، بمجتمعاتها المستقرة أو التي استقرت على أطرافها الشمالية، وفي جبال اليمن المكتظة بالسكان، وعُمان، ووديان نجد، والواحات مثل يثرب، يفوق عدد المجموعات البدوية. وشكلت هذه القبائل النبيلة المسلحة وشيوخها، علمانية أو دينية، الطبقة المهيمنة سياسياً واجتماعياً في المناطق الزراعية المستقرة التي تضم معظم السكان. وفي العصر الأموي- يضيف المحررون- يبدو أن البنية القبلية استمرت مزدهرة نسبياً من دون تغيير، لكن بعد سيطرة العباسيين، فقدَ المجتمع العربي في شكله القبلي تدريجياً؛ وضعه السائد وأهميته؛ لكنه لم يختف. اندمج العرب مع السكان المحليين بخاصة في المراكز الحضرية، على رغم احتقار المجتمع للنبط أو الآراميين في العصر العباسي وفقدت المجموعات القبلية البدوية، حين لم تعد تلعب دور المحارب من أجل الإسلام؛ أهميتها وتلاشت مساهمتها في الأدب، وفق ما جاء في مقدمة محرري هذا المجلد.

ويتألف هذا المجلد من 24 فصلاً، تبدأ بفصل بعنوان «مواضيع أساسية، ألفريد فيلكس بيستون»، ويشتمل على مواضيع تطور اللغة العربية، الخط العربي، البحور العربية، التسمية العربية، الكتاب العربي، وينتهي بفصل عن التأثير السرياني في الأدب العربي. وفي نهاية المجلد ملحق، بيبولوغرافيات بترجمات القرآن، ثم قائمة بالمصادر العربية التي تم الاستشهاد بها، وأخرى للمصادر الأجنبية، علماً أن القائمتين وردتا في الطبعة الإنكليزية معاً، بينما فضل المترجم فصلهما.

عن موقع جريدة الحياة

جريدة الحياة

“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)