اللعبة التي نسيها العالم

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
الجمعة 02-06-2017
المدن - محطات


بوشبول.. اللعبة التي نسيها العالم


صنعت الطابة من جلود تسعة أحصنة (Getty)


في حال بحثنا في شهادات الابتكار المسجلة في منتصف القرن التاسع عشر، سنعثر على رجل أميركي لم يتوقف خلال حياته عن تقديم الأفكار. هو موسى كراين، مبتكر خلاط البيض، ثلاجة البوظة، الجرس الإلكتروميكانيكي، ونظام الحريق، أهم ابتكاراته المستمرة بشكل معدل اليوم، التي سمحت له بالعيش ثرياً حتى آخر عمره.

لكن لكراين ابتكاراً لا يتحدث عنه أحد. أي لعبة بوشبول Pushball، التي استوحاها من كرة القدم، اللعبة التي مارسها أولاده في جامعة هارفرد، ولم تعجبه لأنها مملة، قاسية، وغير مفهومة للأشخاص غير المتعلمين. لكن ما أزعج كراين كان عدم قدرة المشاهد دائماً على متابعة حركة الطابة البنية، في ملعب مزدحم تكون أرضيته بنية أحياناً. “ماذا لو كانت الطابة أكبر حجماً؟”، فكر كراين، ثم أضاف: “أكبر إلى درجة أنه لا يتمكن اللاعب من رؤية من يقف في الناحية الثانية”.



اعتقد كراين أن هذه اللعبة ستمتع المشاهدين أكثر، وستحثهم على متابعة المباريات حتى النهاية، وقد كان محقاً في ذلك. وفي العام 1894، وجد من يقوم بتصنيع طابته الضخمة، التي تتحرك من أقل ضربة، ويمكن لريح خفيفة أن تدفعها بسرعة في أنحاء الملعب. كلفت الطابة 175 دولاراً، أي نحو 4500 دولار اليوم. وبعد أشهر عديدة من التجارب، ولدت اللعبة الجديدة، التي كتب قوانينها أحد أبناء كراين، إذ جعل بعضها قريباً من كرة القدم، وبعضها الآخر خاصاً بها.

في العام التالي قرأ عن اللعبة مقاول بريطاني إسمه هانيغان، وقرر أن يستثمر فيها. وصلت اللعبة في العام 1902 إلى بريطانيا، حيث شاهد أول مباراة 4 آلاف مشاهد فضولي. كتب هانيغان يومها إعلاناً يحث الناس على المشاهدة: “الطابة ضخمة تم تصنيعها من جلود تسعة أحصنة، واستلزمت ساعتين ونصف لنفخها بواسطة منفخ خاص. استطاعت البوشبول أن تكتسب شعبية بسرعة، فشباب منطقتنا العمالقة يحتقرون ألعاب الصالونات. وعندما أتينا بالبوشبول، وجد هؤلاء شيئاً يمكن أن يشبع جوعهم للرياضة”.



كتبت صحيفة أخرى أن لا مكان للمهارات الفردية في هذه اللعبة، والذكاء ليس شيئاً ضرورياً جداً. لكن، من ناحية المشاهدين، إنها ممتعة ومثيرة للضحك غالباً، لكنها بطيئة وخرقاء. وقال أحد اللاعبين المشاركين إن اللعبة متعبة جداً، ولا يمكن تحملها. المضحك أنه لاحقاً تم تنظيم مباراة في نيويورك، وقبل المباراة مهدت الصحف للعبة بصفتها بريطانية المنشأ.



انتقلت اللعبة بعدها في جولة بين مدن بريطانية عدة، جذبت آلاف الأشخاص في كل مرة. لكن الانتقادات تزايدت لاحقاً، لأن اللعبة صعبة جداً، ومتعبة، وتتطلب قدرات جسدية هائلة. ما أدى إلى تراجعها.

في العام التالي، تم ابتكار طريقة في الجيش البريطاني، تجعل اللعبة أقل إرهاقاً، حيث بدأ اللاعبون باستخدام الأحصنة. وقد تغيرت القوانين لتتلاءم مع التطور الجديد. شارك ملك بريطانيا إدوارد VII في إحدى المباريات، التي وصفتها جريدة الغارديان بأنها مثيرة، وقد أسهمت في إثارة حماسة الملك الذي لاحق الطابة من مكان إلى آخر بشغف. وقد كتبت التايمز أن اللعبة أسهمت في تطوير حركة الأحصنة من مباراة إلى أخرى، ونجاحها سيتخطى الجيش، ويمكن أن تصبح لعبة سائدة بين جميع الفئات.



لاحقاً ظهرت نسخ أخرى من اللعبة، وقد استخدمت فيها السيارات أحياناً، أو طابات من نوع مختلف. لكن الاهتمام بها تراجع تدريجاً. ربما بسبب عدم ثبات اللعبة على صيغة واحدة. وآخر مباراة بوشبول نظمت في العام 1927، وآخر ذكر لها كان في العام 1930 في الغارديان.

(المصدر)

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة


حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)