Article de presse - مقال صحفي

الكاتب اللبناني-الفرنسي أمين معلوف يدخل الأكاديمية الفرنسية L’écrivain Amin Maalouf élu à l’Académie française

, بقلم محمد بكري

موقع ايلاف على الإنترنت

الجمعة 24 حزيران/يونيو
إيلاف

باريس أ. ف. ب. : انتخب الكاتب اللبناني-الفرنسي امين معلوف الخميس من الدورة الاولى عضوا في الاكاديمية الفرنسية بعد محاولتين فاشلتين في 2004 و2007. وقال معلوف لوكالة فرانس برس ان “انتخابي الى الاكاديمية الفرنسية رمز بالغ الاهمية للبنان، ولحظة اعيشها بملء جوارحي وقد تعاملت معها بلادي بما يليق بها”. واضاف العضو الجديد في هذه المؤسسة الذائعة الصيت التي تأسست في 1635 وتسهر على احترام اللغة الفرنسية وتكوين قاموسها، “منذ انصرفت الى الادب، كانت الاكاديمية تنطوي على معنى في نظري. لم افكر آنذاك في دخولها لكن هذه الفكرة ترسخت في ذهني رويدا رويدا”.

وقد انتخب امين معلوف الذي فاز بجائزة غونكور في 1993 عن روايته “صخرة طانيوس”، للمقعد 29 في الدورة الاولى من الانتخاب بحصوله على 17 من 24 صوتا في مقابل ثلاثة اصوات للفيلسوف ايف ميشو. وهو يخلف عالم الاناسة كلود ليفي-ستروس الذي توفي في تشرين الاول/اكتوبر 2009 عن 101 عاما وقد انتخب في 1973 في مقعد هنري مونترلان. وقال امين معلوف “انه مقعد عظيم، مخيف ومحفز، واقترب منه بتواضع وفرح كبير”. وقبل امين معلوف المنفتح على الثقافتين العربية والفرنسية، استقبلت الاكاديمية في 2006 الروائية الجزائرية آسيا جبار التي كانت اول شخصية من المغرب العربي تنتخب الى هذه الاكاديمية.

عن موقع ايلاف على الإنترنت


ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.

تم نقل هذا المقال بناء على ما جاء في الفقرتين 4-2 و4-3 من حقوق الملكية الفكرية المذكورة في شروط الأستخدام على موقع إيلاف :

  • مسموح لك بنسخ أو تنزيل المقالات المنشورة على الموقع من أجل إعادة عرضها على مواقع أخرى بشرط أن تعرض تلك المقالات بنفس تنسيقها وشكلها.
  • يجب وضع رابط للموقع بين عنوان المقالة والفقرة الأولى منها.
  • كما يضاف البيان التالي في نهاية المقالة : ايلاف المحدودة للنشر جميع الحقوق محفوظة ايلاف المحدودة للنشر ترخص باستخدام هذه المقالة. لا يمكن إعادة نشر هذه المقالة دون التوافق مع شروط وبنود شركة ايلاف المحدودة للنشر.
أمين معلوف لـ"النهار": سأصقل على سيف العضوية أرزة
أعتز بأن أكون خلفاً لكلود ليفي - ستروس وبأني أول لبناني
جريدة النهار اللبنانية

السبت 25 حزيران/يونيو
باريس - سمير تويني

بعد انتخاب الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف الخميس بالدورة الاولى كأحد الخالدين في الأكاديمية الفرنسية قال أمس لـ “النهار” بين اتصال للتهنئة والمشاركة في برنامج إذاعي “بعد الإعلان عن انتخابي اول ما بادرت اليه هو إعلام أمي وأولادي اما زوجتي فكانت ترافقني”.

وأوضح: “انتظرت نتائج الاقتراع في الفندق المجاور لدار النشر وهي عادة نتبعها عندما ننتظر نتائج اقتراع الجوائز او انتخابات الأكاديمية. وكنت برفقة مدير الدار اوليفييه نورا وعدد من الأصدقاء. رن الهاتف كانت الساعة نحو الرابعة فشعرت بان الانتخاب قد تم وأنني صرت عضوا في الأكاديمية وانتشر الخبر بسرعة”.

وأضاف “بعد نصف ساعة من اعلان النتيجة وصل الى شرفة الفندق عدد من الخالدين وقدموا الي التهنئة وهذه من العادات المتبعة بعد كل انتخاب”.

وعن حفل التسلم المتوقع حصوله في الربيع المقبل يقول معلوف “لا اعرف تماما التفاصيل لكن يعطى للعضو المنتخب مدة سنة لتحضير الخطاب الذي سيلقيه خلال حفل تسلمه وخياطة لباسه الأخضر وصناعة السيف وهي امور تقوم عادة لجنة من أصدقاء الكاتب بالإشراف عليها”.

ويعرب معلوف عن “اعتزازه بانتخابه خلفا لعالم الاناسة كلود ليفي - ستروس” الذي كان قد انتخب في مقعد هنري مونترلان. ويكن معلوف لليفي - ستروس “الكثير من الإعجاب” ويعتبر ان هذه الخلافة تشكل بالنسبة إليه فرحة واعتزاز لان المقعد عظيم ويقترب منه بكل تواضع خاصة وانه سيقوم كما تجري العادة خلال خطاب التسلم بالإشادة بالراحل. ويقول مازحا “يحصل في بعض الأحيان ان تتم خلافة غريم يصعب مدحه”.

ويقول معلوف “لا اعلم حتى الان من سيلقي خطاب الترحيب”. ويعرب عن اعتزازه بكونه أول كاتب من أصل لبناني ينتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية. وهذا امر بالغ الأهمية للبنان".

وعن السيف الذي تصقل عليه عادة بعض الإشارات والرموز من وحي آثار الكاتب يقول معلوف: “لم افكر بالموضوع حتى الآن، بالطبع سأصقل عليه أرزة”.

وعن محاولتيه في 2004 و 2007 لدخول الأكاديمية يقول معلوف “عندما ترشحت في المرة الأولى لم تكن لدي الخبرة الكافية كان ترشحي ساذجا، أما المرة الثانية فلم يكن ترشيحا حقيقيا وقمت بذلك بناء لطلب بعض الأصدقاء غير إنني كنت قد نشرت في حينه عريضة عن الفرنكوفونية لم تنل إعجاب عدد من الخالدين وقد تم فهمها بطريقة مغلوطة. ولم أكن شخصيا متحمسا كثيرا لخوض المعركة لأنني كنت منهمكا في الكتابة وانسحبت قبل الاقتراع.” وتابع: “بعد ثلاث سنوات ترسخت الفكرة في ذهني وقال لي الأصدقاء ان الأمور اختلفت، وكان الجو العام مشجع وظهر ذلك من خلال النتائج النهائية غير انه لا يمكن التأكد من الانتخاب حتى النتائج. واعتبر ان المراحل السابقة كانت مفيدة واكتسبت خلالها كثيرا من الخبرات المفيدة”.

ويوضح معلوف “ان دخول الاكاديمية ليس عاملا لزيادة مبيعات الكتب كجائزة غونكور بل إشارة مرموقة تحمل معاني لمجمل نتاجي ككاتب في المدى البعيد. اما بالنسبة الى دار النشر فان ذلك يؤثر في سمعتها عندما تنشر الدار لعدد من الخالدين”.

وعن العامل الأساسي في كتاباته والذي ساهم في انتخابه يقول “اعتبر ان الرواية والمحاولات شكلت عوامل متساوية في انتخابي فالذين حادثتهم كانوا منقسمين ولا يمكنني الجزم انه مزيج من الاثنين، بعضهم أحب رواياتي وبعضهم الآخر من الذين يهتمون بالعلوم الإنسانية أعجبوا بمحاولاتي”. ويتابع “انهم يقترعون عادة لمجمل عملك او لمعرفتهم بشخصك.
وبالطبع هناك أيضا نظرة خاصة الى لبنان. وكوني من أصل لبناني شجع بالطبع على انتخابي”.

وتأسست الأكاديمية الفرنسية عام 1635 وتسهر على احترام اللغة الفرنسية وتكوين قاموسها. وكان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه قد أعرب في بيان وزعته الخارجية الفرنسية عن “سروره الكبير بانتخاب أمين معلوف”.

وقال “على مفترق الهويات والتآخي المتوسطي تمثل آثار الكاتب أمين معلوف وشخصيته انعكاسا رائعا لتنوعنا وللفرنكوفونية. وتشكل رواياته صورا للحياة والأخوة والتقاسم والتعبير للفرنكوفونية الشاملة والشعبية.
واعتبر”ان نظرة معلوف وخبرته وثقافته ستساهم في أعمال الأكاديمية".

عن موقع جريدة النهار اللبنانية


أمين معلوف... بهويتيه
جريدة الحياة

الأثنين 27 حزيران/يونيو
الحياة - عبده وازن

دخل أمين معلوف أخيراً الأكاديمية الفرنسية، بعد محاولتين سابقتين باءتا بالفشل. دخل صاحبُ «صخرة طانيوس» صرْحَ «الخالدين» في فرنسا من الباب الواسع، جامعاً سبعة عشر صوتاً مقابل ثلاثة أصوات لغريمه الفيلسوف الفرنسي ايف ميشو. لا يمكن القول إن الكاتب اللبناني استطاع ان» يدحر» هذا الغريم في عقر داره، فهو فرنسي أيضاً، أو مزدوج الهوية، هذه الهوية التي لم تكن يوماً «قاتلة»، على خلاف الهويات الأخرى التي تناولها معلوف في احد كتبه الأخيرة. حلَّ معلوف محل العالم الأنتروبولوجي الكبير كلود ليفي ستروس، الذي رحل عام 2009، منضمّاً الى الأكاديمية العريقة التي تسهر على اللغة الفرنسية وتحرسها من الأخطار الداهمة وتعمل على بلورتها وتطويرها. ولعل احتلال معلوف «كرسي» العالم ستروس هو بمثابة حدث، ولكن بلا اصداء، فـ «الخالدون» يتبدلون والكراسي تبقى هي نفسها. واسم ستروس سيظل خالداً ولو لم يدخل الأكاديمية، وقد يكون واحداً من الذين رسخوا «سمعة» هذه الأكاديمية وأعطوها أكثر مما أعطتهم هي، لا سيما بعدما اصبحت الأسماء الكبيرة نادرة في فرنسا.

امين معلوف هو العربي الثاني في الأكاديمية. آسيا جبار سبقته إليها عام 2000، لكن فوز معلوف بدا أشبه بحدث سياسي، لا سيما في لبنان، وحظي بضجة إعلامية لم تحظ بها جبار في بلادها. امين معلوف مقروء، فرنسياً وعربياً، اكثر من الروائية الجزائرية، وأعماله تخاطب المخيلة الفرنسية وتتيح للقارئ الفرنسي فرصة التمتع بحكايات التاريخ وأساطير اللقاء بين الشرق والغرب... أما آسيا جبار، فهي أشدُّ وجوديةً، ورواياتها تواجه الصراع الداخلي الذي تعيشه ككاتبة تنتمي الى «الضفتين». وقد تكون آسيا، ذات الاختصاص الأكاديمي، معنيةً أكثر من معلوف بشؤون اللغة الفرنسية، التي خصّتها بأبحاث عديدة.

عندما انتُخبت آسيا جبار في الأكاديمية الفرنسية، لم يُعَدّ فوزُها انتصاراً جزائرياً، ولم تحتف الجزائر بالحدث بصفته حدثاً قومياً أو سياسياً، بل كحدث ثقافي وأدبي، حتى أن الطاهر وطار، الروائي الجزائري الكبير، شكك في ان هذا النجاح الفرنسي يخدم اللغة او الثقافة الجزائرية او العربية. وكان على حق، فالأكاديمية لا تعنى إلا باللغة الفرنسية وحدها، بل هي لا تنثني عن مواجهة اللغات الغريبة التي تغزو لغة الأمة الفرنسية، وفي مقدمها الإنكليزية، أو «الأميركية» بالأحرى، ونذكر جيداً الحملات التي قامت قبل سنوات، داعيةً الى تطهير الفرنسية من المصطلحات الأميركية، الفصحى والعامية.

سرعان ما وجد اللبنانيون في فوز أمين معلوف فوزاً لبنانياً، بل فوزاً للأرزة التي قال معلوف نفسه إنه سيحفرها على «سيف» الأكاديمية. فوز امين معلوف هو لبناني بالطبع، فالكاتب لبناني قبل ان يصبح فرنسياً، لكنه لم يدخل الأكاديمية بهويته اللبنانية، بل الفرنسية، وبصفته فرنكوفونياً، وانتماؤه الفرنكوفوني هو الذي ساهم في فوزه وليست هويته اللبنانية. وقد رسب معلوف في الانتخاب سابقاً جراء تهمة معاداته للفرنكوفونية، بعد ان أيَّد البيان الشهير الذي رفعه ادباء فرنسيون طليعيون معلنين فيه موت الفرنكوفونية وتراجع اللغة الفرنسية عالمياً. دفع معلوف حينذاك ثمن موقفه المؤيد لذلك البيان، لكن الأكاديمية الفرنسية تعلم جيداً اهمية الخدمة التي أداها امين معلوف الى الفرنكوفونية وإلى اللغة الفرنسية، فرواياته تُرجمت الى لغات العالم انطلاقاً من الفرنسية، وساهمت في نشر هذه اللغة عالمياً.

ليس من المصادفة ان تمنح الأكاديمية جائزتين مهمتين، واحدةً الى الروائي الجزائري الفرنكوفوني ياسمينة خضرا، وأخرى الى الشاعر المغربي الفرنكوفوني عبداللطيف اللعبي، بُعيد دخول معلوف رحابها. ليست مصادفة فعلاً ان يحوز الأدب العربي الفرنكوفوني هذا الترحاب في لحظة واحدة، فالأكاديمية الفرنسية ليست بغريبة عن الثورات التي يشهدها العالم العربي اليوم، وهي ربما وجدت في تكريم الثقافة العربية أجمل تحية الى ثورات العالم العربي. هذا افتراض طبعاً، لكنه قابل لأن يصدق، علماً ان الشاعر عبداللطيف اللعبي يستحق جائزة الفرنكوفونية التي فاز بها سابقاً الشاعر اللبناني جورج شحادة، كما يستحق ياسمينة خضرا جائزة الأدب. عبداللطيف اللعبي، الشاعر الإنسانوي، ظل مغربياً، وأثره في المغرب أشد تبياناً مما في فرنسا. هو شاعر ملتزم، بالمعنى الشامل للالتزام، الثقافة لديه توائم ملكته الشعرية. أما ياسمينة خضرا، فروائي متمرّس في فن السرد، وبارع في اللعب على المتناقضات والإفادة منها.

كم كان امين معلوف حقيقياً عندما قال في حوار معه بعيد فوزه، إن جورج شحادة، الشاعر الكبير، كان يستحق ان يدخل الأكاديمية قبله. انها لفتة نبيلة الى هذا الشاعر والمسرحي، الذي خلق في اللغة الفرنسية عالماً فريداً، وحمل إليها إرهافات ومعاني غير مألوفة. لكن امين معلوف سيكون له حضوره في الأكاديمية، وسيكون له دور في حراسة اللغة الفرنسية، لغته في التبني، فهو صاحب مراس خاص في الجمع بين الوعي اللغوي الفرنسي واللاوعي اللغوي العربي. وسيقدم امين معلوف، من خلال خبرته المزدوجة، آراء مهمة في شأن اللغة، وأفكاراً حية ونضرة، طالعة من فسحة العيش والمكابدة اليومية.

احتفى لبنان بفوز أمين معلوف وفرح به – ربما – اكثر مما فرح الكاتب بفوزه. لبنان جاهز دوماً لاستعادة أسطورته كلما حانت الفرصة. وليس من المستغرب ان يُعَدّ فوزُ معلوف إنجازاً لبنانياً في عالم الغرب، حتى وإن لم تكن للبنان علاقة بهذا الفوز. وما يجب أن نتذكره هو أنّ أمين معلوف اصلاً ليس بطلاً لبنانياً، ولا من أبطال الماضي الفينيقي، ولا من أبطال الحرب التي دمّرت لبنان، أمين معلوف هو في النهاية بطل نفسه وبطل الملحمة الروائية الشعبية التي كتبها.

عن موقع جريدة الحياة

يقدم موقع دارالحياة.كوم، إضافة إلى المحتوى الخاص به الذي ينشر على مدار الساعة، محتوى المطبوعات التي تنتجها« دار الحياة »، بنسخها الإلكترونية، وهي : الصحيفة اليومية « الحياة » الطبعة الدولية على العنوانين الأول أو الثاني، والحياة السعودية الطبعة السعودية، والمجلة الأسبوعية لها. ويضم دارالحياة.كوم أيضاً حاضنة للخدمات الرقمية على العنوان.

دارالحياة.كوم محطة تزود الزوار بالمستجدات والتقارير والتحليلات وبمواد أدبية، من صحافيين ومراسلين من الحياة، ومتعاونين آخرين. ويسعى إلى تأمين التواصل بين القراء وكتاب المطبوعات. كما يؤدي دور الواجهة التي تروج لمحتوى المواقع الثلاثة الأخرى. كذلك، يرعى دارالحياة.كوم مشاريع صحافية مستقلة ويستضيفها.


أمين معلوف والـ«انا» التائهة
جريدة الحياة

الاربعاء 29 حزيران/يونيو 2011
الحياة - ماري القصيفي [1]

الاحتفال بانتخاب أمين معلوف عضواً في الأكاديمية الفرنسية يعيدنا إلى التفكير في موضوع الهوية التي سبق لمعلوف نفسه أن «حاول» معالجتها في كتابه «هويات قاتلة». وحين نقول «حاول» لا نقصد التلميح إلى فشله في مقاربة هذه المسألة بل تأكيد عبثية التفتيش عن أجوبة حاسمة ونهائية لأسئلة عن الانتماء ستبقى مطروحة ما دام الإنسان يبحث عن فردوسه المفقود وأناه التائهة. لذلك يبدو من المتوقع أن نسأل عن أي أمين معلوف نتحدث: عن الفرنسي ذي الأصل اللبناني أم عن اللبناني الذي يحمل الجنسية الفرنسية؟ ويستعاد السؤال كل مرة يتفوق فيها لبناني (وعربي) وينجح في تبوؤ مركز رفيع، وخصوصاً متى ترافق ذلك كله مع مجموعة من الشكوك والاتهامات والتوقعات واحتمال الخيبات، تجعل السؤال قضية تستحق التأمل في شؤونها وشجونها.

أول ما يتبادر إلى ذهننا حين نسمع خبراً من هذا النوع هو التشكيك: لماذا هو؟ لماذا الآن؟ ماذا في إمكانه أن يحقق لنا؟ هل يستحق؟ ما المقابل؟ ينبع كل ذلك بداية من تشكيكنا في إمكاناتنا بل من اقتناعنا بأننا غير مؤهلين إلا للخيبات والهزائم والاضطهاد والسجون والاغتيال، ثم من إيماننا بأننا معرضون على مدار الساعة لمؤامرات خارجية تريد القضاء علينا وإن تزيت بزي الدعم والمساندة والتقدير. لذلك فالجائزة العالمية التي تمنح لأحد مواطنينا هي «مكافأة» له على خدمة قدمها لغير بلاده وعلى حساب بلاده، أو «إغراء» له ليقوم بعمل يصب في مصلحة من كرمه، ولن يســتطيع التهرب من تنفيذه وإلا تعرض لما لا يتمناه. ومن هنا تولدت عندنا القناعة بأن الذين ذهبوا من «عندنا» للدراسة «عندهم» وتفوقوا في مجالاتهم لا يجرؤون على العودة لخدمة بلادهم وإلا قُتلوا في أسرتهم أو في حوادث السيارات. أما التفكير في أن عدم عودتهم سببه الفساد والطغيان وتسلط الجهلاء فلا يمكن أن نضعه في الحسبان.

السؤال الثاني الذي يفرض نفسه هو: كيف سيتصرف هذا اللبناني (أو أي عربي) مع زملائه ومواطنيه الغربيين من اليهود المناصرين لإسرائيل؟ فقد يستطيع أن يختلف معهم في الرأي بحسب ما تقره له دساتير البلاد التي صار من أبنائها، أما أن يعاديهم فأمر يتنافى مع مواطنيته الجديدة. فهل يكون عند ذلك عدو الأمة العربية ويتم التبرؤ منه؟ في الأمس القريب كانت المغنية «شاكيرا» فتاة لطيفة جميلة افتخر لبنان بها، فاستقبلها ورقص على وقع أغانيها واهتز فرحاً مع اهتزاز خصرها، وحين زارت إسرائيل وغنت وحلت ضيفة مكرمة على مائدة رئيس الدولة انهال عليها صحافيو الوطن بحجارة الرجم.

السؤال الثالث الاستطرادي: ماذا فعل لبنان (ويصح الكلام على أكثر البلدان العربية) لهؤلاء المتفوقين المبدعين عدا عن التغني بهم حين ينجحون ويبرعون؟ فهل لبنان الذي يفتخر اليوم بجبران خليل جبران هو لبنان نفسه الذي فرض على «كاملة» (والدته) أن تصطحب أولادها وترحل بهم إلى الولايات المتحدة؟ أم هو لبنان آخر حلم به وغنى له واستوحى منه لأنه لا يشبه لبنان الآخرين؟ وكيف صنع لبنان إبداع حسن كامل الصباح وكيف استفاد منه؟ وهل صار يوسف شاهين وعمر الشريف عالميين لولا هجرة عائلتيهما إلى مصر؟ وهل لبنانية كارلوس سليم وكارلوس غصن هي التي جعلت الأول أغنى رجل في العالم والثاني رجل أعمال ناجحاً؟ وهل ساهم لبنان في إيصال معلوف إلى الأكاديمية الفرنسية أم في دفعه إلى الهرب إلى فرنسا بسبب الحرب؟ وقلْ مثل ذلك عن سائر المهاجرين الذين حملوا جيناتهم ولقحوها بالعنصر الغربي: ثقافة وأسلوب حياة وزواجا وإنجاباً لذرية من الإبداع والأولاد، سينتصر فيها لا محالة العنصر الأقوى والأكثر حضارة بحكم التطور والارتقاء وبقاء الأصلح. والدليل أن أولاد أمين معلوف غرباء عن بلاد الآباء ولغة الأجداد وحكايات الجدات وإن كانت أسماؤهم عربية: رشدي وطارق وزياد، في حين يبدو اهتمام زوجته «أندريه» بالمطبخ اللبناني والتسويق له كتابةً ودعايةً محاولة يائسة لـ «لبننة» المحيط الذي «فرنج» العائلة.

السؤال الرابع يفرض نفسه حين يتعلق الأمر بشخصية عربية وبالتحديد لبنانية: ما ديانته؟ واستطراداً ما مذهبه؟ وأخيراً ما هي سياسته؟ فهل أمين معلوف مع 8 آذار أو 14 آذار؟ إن تحديد هذا الجانب من هويته يساعد المتسائلين على معرفة أسباب نجاحه وأهداف اختياره والرسالة التي يرغب الغرب في توجيهها إلى الشرق من خلال كل ذلك، فضلاً عن خلفيات التعتيم على أخباره في بعض الصحف والإضاءة عليها في صحف أخرى.

لا شيء يمنع أن يكون أمين معلوف غير معني الآن بكل هذه التساؤلات، بعدما بات على يقين من أن هويته هي هذا المزيج الحضاري الديني اللغوي، علماً بأن الآخرين سيطالبونه في مرحلة ما بأن يعبر الجسر بين الحضارتين ويحسم خياره. فهو وإن كان نال أكثر الأصوات وصار عضواً في الأكاديمية سيبقى عرضة لتساؤلات المحللين والدارسين والنقاد الفرنسيين عما إذا كان يستحق هذا المقعد، بقدر ما هو الآن موضوع تفكير عند الأجيال اللبنانية الشابة المتسائلة: لو بقي معلوف في بلاده هل كان حقق شيئاً يفتخر به؟

نحن مطالبون بالتعامل مع الهوية التي نختارها عن سابق تصور وتصميم، بغض النظر عما إذا كانت لأحلام نومنا لغةُ طفولتنا. ولكن لو لم يكن الروائي اللبناني أمين معلوف راغباً في أن يكون فرنسياً لما اختار فرنسا لغة إبداع ووطناً لحــياة جديدة بعيداً عن الوطن الأم، ولو لم يكن فرنسياً لما ترشح للأكاديمية ولما انتخبه أعضاؤها. أما هويته اللبنانية فهي على الأرجح مسألة تعني اللبنانيين من دون سواهم، الفرنكوفونيين منهم على الأقل.

عن موقع جريدة الحياة

يقدم موقع دارالحياة.كوم، إضافة إلى المحتوى الخاص به الذي ينشر على مدار الساعة، محتوى المطبوعات التي تنتجها« دار الحياة »، بنسخها الإلكترونية، وهي : الصحيفة اليومية « الحياة » الطبعة الدولية على العنوانين الأول أو الثاني، والحياة السعودية الطبعة السعودية، والمجلة الأسبوعية لها. ويضم دارالحياة.كوم أيضاً حاضنة للخدمات الرقمية على العنوان.

دارالحياة.كوم محطة تزود الزوار بالمستجدات والتقارير والتحليلات وبمواد أدبية، من صحافيين ومراسلين من الحياة، ومتعاونين آخرين. ويسعى إلى تأمين التواصل بين القراء وكتاب المطبوعات. كما يؤدي دور الواجهة التي تروج لمحتوى المواقع الثلاثة الأخرى. كذلك، يرعى دارالحياة.كوم مشاريع صحافية مستقلة ويستضيفها.


روابط ذات صلة :


حواشي

[1كاتبة وشاعرة لبنانية. ولدت في منطقة الريحانية - بعبدا - جبل لبنان. عملت في الحقل التربوي لأكثر من خمس وعشرين سنة. كتبت في عدد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية : النهار، السفير، الديار، الحوار، الناقد، البلاد البحرينية، الرأي العام الكويتية. صدر لها عن دار مختارات : لأنك أحيانًا لا تكون(2004) - رسائل العبور (2005) - الموارنة مروا من هنا (على الغلاف بألم ماري القصيفي وليس بقلم) ونساء بلا أسماء (2008) - وعن دار سائر المشرق رواية: كلّ الحقّ ع فرنسا (2011) كانت لها زاوية أسبوعية كل يوم اثنين في الصفحة الثقافية في جريدة النهار اللبنانية تحت عنوان : أضواء خافتة (منذ كانون الأول 2002 حتى آب 2005) كانت لها مقالة أسبوعية يوم الثلاثاء في صفحة مدنيات اجتماعيات في جريدة النهار اللبنانية. تكتب الآن في الصفحة الثقافيّة لصحيفة الحياة تشرف على مدوّنة باسم “صالون ماري القصيفي الأدبي

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)