نقد

الكاتب السوري اسماعيل مروة ينتقد موسوعة الثورة الجزائرية في الشعر العربي

, بقلم محمد بكري


جريدة الخبر الجزائرية


الثلاثاء 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2013
جريدة الخبر الجزائرية
الجزائر : ب. مسعودة


خمسة أجزاء أهملت قباني وقزّمت سليمان العيسى


انتقد الكاتب والإعلامي السوري إسماعيل مروة “موسوعة الثورة الجزائرية في الشعر العربي” الصادرة عن دار الأبحاث الجزائرية، لأنها أسقطت اسم الشاعر السوري الكبير نزار قباني، رغم أنها، كما قال، جاءت في خمسة مجلدات تجاوزت 2200 صفحة، كما قزّمت حضور الكاتب الكبير سليمان العيسى.

يقرّ الكاتب إسماعيل مروة، أن الموسوعة التي أعدها كل من نوال الحوار وحسن شمص، والصادرة عن دار الأبحاث للترجمة والنشر والتوزيع، للكاتب الجزائري محمد فاضلي، المقيم في لبنان منذ 18 سنة، غاية في القيمة لأنها “جمعت ما تفرّق في بطون الكتب والدوريات، وقدّمت كنزاً من الشعر القومي، نحن أحوج ما نكون إليه في زمن التشظي العربي”، كما تمنى “لو كانت هذه الموسوعة متوافرة بين أيدي الباحثين والدارسين والإعلاميين لما فيها من زاد معرفي وأدبي وعلمي ثمين”، لكنه رغم هذا يسجل حولها عددا من النقاط السلبية والملاحظات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.

قصيدته جميلة بوحيرد أشهر من أن تنسى

قال الكاتب في مقال مطوّل له نشر في صحيفة “الوطن” السورية: “صدر منذ أيام كتاب موسوعي مهم، ولأشد ما أسعدني أن أجد هذا الأثر الذي يجمع شعراء الأمة من المحيط إلى الخليج على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم، بل على اختلاف مدارسهم الشعرية، فمن الكلاسيكي العمودي إلى قصيدة التفعيلة، إلى القصيدة النثرية أو النثيرة، ودخل الكاتب في الموضوع مباشرة بعنوان فرعي “موسوعة لا تستوعب الجميع”، حيث أشار إلى أنه أول ما يفترض بالموسوعات أن تكون محيطة، ولا يجوز أن يندّ عنها أي شيء، ولا عذر في أن تهمل الموسوعة شيئاً، خاصة أن هذه الموسوعة تتسم بالتاريخية، فهي تغطي مرحلة انتهت وثورة انتصرت، وشعراً لم يعد يكتب اليوم بعد انتصار الثورة الجزائرية المباركة التي منحت العرب الكثير من القوة والموقف في حينها”. وعبّر الكاتب عن تفاجئه الكبير بعد هذه المقدمة، حين اكتشف أن الموسوعة التي صدرت في 2200 صفحة موزعة على خمسة أجزاء، لم تخصص للشاعر سليمان العيسى إلا قصيدة واحدة، ملحقا تعليقه بعلامة تعجب، حيث استطرد قائلا إن كل الدارسين يعرفون أن الشاعر الكبير أنجز ديوانا كاملا خص به الجزائر، يحمل عنوان “كتاب الجزائر” وتساءل أين سليمان العيسى؟ وانتقد في هذا الإطار الكاتب الموسوعة والقائمين عليها لأنهم اعتمدوا أكثر على الدراسات بدل الدواوين معلقا “وهما بذلك اعتمدا كتباً غير كاملة، وقد تكون من قبيل المختارات، وليست من قبيل الجمع الموسوعي”..

بالنسبة للكاتب إسماعيل مروة، فإن أغرب ما نسته أو تناسته الموسوعة ويبقى علامة استفهام كبيرة هو نزار قباني، الشاعر العربي الذي أعطى الثورة الجزائرية أكثر من نص، ولعل قصيدته “جميلة بوحيرد” هي الأشهر ليس بين نصوصه فحسب، بل هي أشهر ما قيل عن جميلة، وأورد في مقاله قصيدة جميلة بوحيرد كاملة وهذه بعض مقاطعها: “الاسم: جميلة بوحيرد.. رقم الزنزانة: تسعونا..في السجن الحربيّ بوهران..والعمر اثنان وعشرونا..عينان كقنديلي معبد.. والشعر العربيّ الأسود.. الاسم: جميلة بوحيرد.. تاريخ: ترويه بلادي..يحفظه بعدي أولادي.. تاريخ امرأة من وطني.. جلدت مقصلة الجلاّد امرأة دوّخت الشمسا .. جرحت أبعاد الأبعاد..ثائرة من جبل الأطلس..ما أصغر (جان دارك) فرنسا..في جانب (جان دارك) بلادي..” ويرى اسماعيل مروة انه لو كان الشاعر المهمل غير نزار “لوجدنا عذراً، ولكن إذا كان نزار وهو بهذه الشهرة، والمكانة، وقصيدته بهذا الغنى قد أهمل فما بالنا بشعراء آخرين؟!”.

موسوعة تلخص مسيرة الشعراء في جنسياتهم

انتقد الكاتب من جانب آخر طريقة عرض الشعراء والتعريف بهم، حيث أعاب عليها التلخيص المبالغ فيه، إذ تكتفي الموسوعة بالتعريف بالشعراء كما يلي: سليمان العيسى شاعر من سورية، بدر شاكر السيّاب شاعر من العراق، وهذا ما اعتبره اسماعيل مروة غير كاف، ولا يقدم للقارئ شيئاً، مضيفا “كان الأجدر بالمعدين أن يذكرا كلمات عن هذا الشاعر، ولادته وفاته، فليس كل الشعراء سواء، ولا يعقل أن يعرّف أنور العطار بأنه شاعر من سورية دون ذكر كلمات عنه”، كما يفترض يضيف الكاتب “أن يقدم معلومات عن القصائد، لأن بعضها كتب في ساعة الحدث، وبعض القصائد جاءت تالية، وهذا يؤثر في دراسة النصوص، إذ يجعلها سواء وهي ليست كذلك، والفرق كبير بين شاعر لم ينم ليلته حتى كتب قصيدته، وآخر كتبها في مناسبات تالية”.. كما سجل الكاتب على الموسوعة خلوها من أي شرح لكلمة أو بيت أو صورة. مشيرا إلى وجود بعض الخلاف في الاستخدامات اللغوية بين المشرق والمغرب، ووجود بعض التعابير التي تحتاج إلى بيان وشرح وتفصيل. وذكر في الأخير الكاتب أن الموسوعة ضمت 63 قصيدة حملت اسم جميلة بوحيرد صراحة، أو باسم مناضلة الجزائر، أو جميلة، أو رسالة إلى جميلة، أو جميلة تقول، أو جميلة جان دارك العرب،! ويقول الكاتب تعليقا على هذا الكم الهائل من القصائد “وفي قصائد جميلة، وعند أكثر من شاعر يأتي ذكر جان دارك الفرنسية موازنة مع جميلة جان دارك العرب، وهنا تبرز أهمية التاريخ للقصائد، فمن أول من عقد هذه الموازنة؟ ومن صاحب هذه الاستعارة وهذا الإسقاط لما فيه من فضح وإدانة للفرنسيين؟ مضيفا لو كانت تواريخ القصائد موجودة لأمكن دراسة هذه الأمور.. إضافة إلى ذلك، فإن ثورة الجزائر تاريخ ممتد ويستحق أن يؤرخ لدراسة هذه النصوص وآليات تعاطيها الآني مع الثورة الجزائرية.

عن جريدة الخبر الجزائرية

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)