الفنان محمد غازي (1922 - 1979)... قامة فنية فلسطينية أثّرت في تجربة الرحابنة وفي مسيرتهم الفنية الغنية والطويلة

“فنان لن يجود الزمان بمثله”. هذه الجملة التي قالها المؤرخ الموسيقي السوري، محمود دمراني، تلخص مكانة الموسيقار الفلسطيني محمد غازي (1922 - 1979).

الحديث عن فنان (ملحن ومطرب وعازف) من طراز محمد غازي ("محمد غازي" عبد العزيز حسين أبو شاويش) هو من زاوية ثاقبة حديث عن مدنية فلسطين، عن مجد يافا (محمد غازي من قرية بيت دجن قضاء يافا)، وعن تاريخ الإسهام الفلسطيني في الفن العربي.

حديث ذكريات وصبوات وآلام وآمال، حديثٌ عن “شادي الألحان”، و"يا وحيد الغيد"، و"حجبوها عن الرياح"، وعن الولد الوحيد بين ست شقيقات، الذي أراد له والده درباً آخر غير درب الفن، وأراد هو نسيم البحر في يافا، حيث المدينة كانت تمور مطالع القرن العشرين بالفن والفرح والحياة.

لتبرير المرور على سيرة حياة غازي ومسيرته الفنية، أود بداية الإشارة إلى منجزه، وهو منجز يتلخص أنه وبعد صروف صعبة فرضتها نكبة فلسطين، وبعد توديعٍ محزنٍ لبيت دجن في يافا، وصولاً إلى مخيم “عقبة جبر”، انتقالاً إلى “جبل التاج” في العاصمة الأردنية عمّان، قرر محمد غازي الانتقال إلى بيروت، وهناك بدأ مشوار سطوعه. التحق برفيق دربه، الإعلامي والمخرج الفلسطيني، صبري الشريف، وإلى مؤسسين آخرين ممن أسهموا في انطلاق معجزة الرحابنة.

دور محمد غازي في هذه الحكاية التي لا تشبه غيرها يتلخّص في أنه من أُوكل إليه تعليم فيروز الغناء باللغة العربية الفصيحة، وكانت لا تتقنها على نحو كامل، وتعليمها غناء الأدوار والموشحات، وتحفيظها بعضها، وترسيخ الطرب العربي الأصيل داخل وجدانها. هذا أولاً وثانياً وثالثاً، أما رابعاً فقد شاركها غازي غناء الموشحات الأندلسية.

كلامٌ قد يبدو سهل المرور، ولكن ليس مع عاصي أيام جموحه، ولا مع منصور أيام خيلائه، ولا مع فيروز أيام احترازها حتى من ظلها فوق حجارة الطريق.

تعاوُنُ محمد غازي مع الرحابنة بعد أن (اصطادوه) بالمعنى الحرفي للمفردة، والتقطوا موجبات فرادته، تواصل منذ مطالع خمسينيات القرن الماضي، وحتى مطالع ستينياته، ربما “أُوكل إلى محمد غازي تعليم فيروز الغناء باللغة العربية الفصيحة، وتعليمها غناء الأدوار والموشحات، وتحفيظها بعضها، وترسيخ الطرب العربي الأصيل داخل وجدانها” أبعد من ذلك قليلاً، ربما لا، فعموماً، ظل الرحابنة يدثِّرون مسيرتهم بالتكتم، وقد لا نعرف، إن لم تبح فيروز، أو يفعل ابنها زياد (إن كان يعلم)، إلى أيِّ تاريخٍ ظلَّ محمد غازي واحداً من صنّاع مجدهم...

حقوق النشر

“ضفة ثالثة” هو جزء من موقع “العربي الجديد” الذي تملكه وتديره شركة “فضاءات ميديا ليمتد” ومقرها العاصمة البريطانية

تم نقل هذا المقال بهدف تربوي وبصفة غير تجارية بناء على ما جاء في الفقرة 4 من شروط الاستخدام وحقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية على الموقع الإلكتروني “ضفة ثالثة” :

يجدر بك عدم الموافقة على تخويل أو مساعدة أي طرف ثالث بنسخ وتحميل وإرسال أو تخزين (في أي موقع آخر) أو توزيع أو بث أو نشر أو استغلال أي مادة أو محتوى بشكل تجاري أو تعديلها، دون إذن كتابي مسبق من قبل مسؤول مخول في “الشركة المالكة”.

رابط : المقال على موقع ضفة ثالثة

أخبار أخرى

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)