الفلسطيني إبراهيم نصرالله يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) 2018

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
الثلاثاء 24-04-2018
المدن - ثقافة


"إبراهيم نصرالله يفوز بـ"بوكر" العربية 2018



أُعلن مساء اليوم، الثلاثاء 24 أبريل 2018، عن فوز رواية “حرب الكلب الثانية” لإبراهيم نصرالله، بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الحادية عشرة.

وكشف إبراهيم السعافين، رئيس لجنة التحكيم، عن اسم الرواية الفائزة بالجائزة والصادرة عن “الدار العربية للعلوم ناشرون”، خلال حفلة أقيمت في فندق فيرمونت باب البحر، أبوظبي. وحصل الفائز بالجائزة على مبلغ نقدي قيمته 50,000 دولار أميركي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنكليزية، مما سيسهم في تحقيق مبيعات أعلى للرواية والحصول على تقدير عالمي.

وقد علّق السعافين، نيابة عن لجنة التحكيم، على الرواية الفائزة بقوله: “تتناول هذه الرواية تحوّلات المجتمع والواقع بأسلوب يفيد من العجائبية والغرائبية ورواية الخيال العلمي، مع التركيز على تشوهات المجتمع وبروز النزعة التوحشية التي تفضي إلى المتاجرة بأرواح الناس في غياب القيم الخُلُقية والإنسانية”.

تركز الرواية على الشخصية الرئيسيّة وتحولاتها من معارض إلى متطرف فاسد، وتكشف عن نزعة التوحّش التي تسود المجتمعات والنماذج البشرية واستشراء النزعة المادية، فيغدو كل شٓيْءٓ مباحاً.

إبراهيم نصر الله من مواليد عمّان 1954، لأبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما العام 1948. عاش طفولته وشبابه في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان-الأردن. بدأ حياته العملية معلماً في المملكة العربية السعودية، وعاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبد الحميد شومان، وتفرغ للكتابة منذ العام 2006. أشرف نصرالله على دورتين من الندوة (ورشة إبداع) التي تنظمها الجائزة سنوياً للكتاب الشباب الواعدين، عامي 2014 و2016.

تُرجمت أربع من رواياته، وديوان شعر، إلى اللغة الإنكليزية، منها “زمن الخيول البيضاء” المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية العام 2009، و"قناديل ملك الجليل" المرشحة في القائمة الطويلة العام 2013. وفي مقال عن رواية “زمن الخيول البيضاء”(2012)، أشادت صحيفة “نيو ستيتسمان” البريطانية بـ"صوت نصرالله الذي يلقي الضوء على حيوات المهمشين".

وبعد ترشيحه للقائمة القصيرة، قال نصرالله، في فيلم أنتجته الجائزة العالمية للرواية العربية لموقعها: “رواية كُتبت لتحزّ القارئ، لتقلق القارئ، لتجعله أحيانا غير قادرا على التنفس. حرب الكلب الثانية هي رسالة تحذير، في اعتقادي، مما يمكن أن نصل إليه في المستقبل في ضوء ما عشناه ونعيشه في السنوات الأخيرة... هذه الرواية من هنا تنطلق، من لحظة ضياع اليقين بمن تساكنه أو يساكنك، هو ذلك الجار أو ذلك الأخ أو ذلك الأب أو أي كان. لذلك تذهب الرواية وتقول إذا ما واصلنا في هذا الطريق، سنصل إلى ذلك المستقبل الذي سنصبح فيه إباديين”.

وبهذا الفوز، تعتبر رواية “حرب الكلب الثانية” أفضل عمل روائي نُشر خلال الإثني عشر شهراً الماضية، وجرى اختيارها من بين 124 رواية مرشحة تمثل 14 بلداً عربياً. وفي ما يلي أسماء لجنة التحكيم لعام 2018: الأكاديمي والناقد والشاعر والروائي والمسرحي الأردني إبراهيم السعافين، رئيساً، مع عضوية كل من: الأكاديمية والمترجمة والروائية والشاعرة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتبة والمترجمة السلوفينية باربرا سكوبيتس، والروائي والقاص الفلسطيني محمود شقير، والكاتب والروائي السوداني-إنجليزي جمال محجوب.

وتم تكريم الكتّاب الخمسة المرشحين في القائمة القصيرة خلال الحفلة، وهم شهد الراوي وأمير تاج السر ووليد الشرفا وعزيز محمد وديمة ونّوس، وتلقى المرشحون جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أميركي، كما تمت استضافتهم في مقر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع معهد جامعة نيويورك أبوظبي قبل الإعلان عن الرواية الفائزة، حيث شاركوا في ندوة أدارتها الروائية السودانية آن الصافي. وشارك وليد الشرفا في ندوة حول روايته “وارث الشواهد” في متحف الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، حيث أقيم معرض “المؤقت الدائم” عن حياة اللاجئين الفلسطينيين.

وسوف يشارك الفائز إبراهيم نصرالله في أول ظهور علني له بعد الفوز، مع كتّاب القائمة القصيرة، في ندوة تُعقد في جناح بحر الثقافة ضمن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في رعاية الشيخة شيخة بنت خالد بن محمد آل نهيان، من الساعة السابعة إلى التاسعة والنصف مساء 25 نيسان/أبريل الجاري.

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة

حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.



العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
الأربعاء 2018/04/25 - السنة 40 العدد 10970، ص(14)
الصفحة : ثقافة
محمد الحمامصي - كاتب مصري


إبراهيم نصرالله : اُكتب بكل قلبك ليقرأك القارئ بكل قلبه


إبراهيم نصرالله: وصلت في هذه الرواية إلى أقاصي الجنون


الروائي إبراهيم نصرالله يعترف بأن روايته “حرب الكلب الثانية” تتحدث عن المستقبل وهي واحدة من الروايات التي لم يستطع الهرب منها وكانت قاسية.

تتناول رواية “حرب الكلب الثانية” لإبراهيم نصرالله والتي فازت أخيرا بالجائزة العالمية للرواية العربية، تحوّلات المجتمع والإنسان والواقع بأسلوب يفيد من العجائبية والغرائبية ورواية الخيال العلمي، مع التركيز على تشوهات المجتمع وبروز النزعة التوحشية التي تفضي إلى المتاجرة بأرواح الناس في غياب القيم الخلقية والإنسانية. وفيما يلي ننشر حوارا مع نصرالله حول روايته المتوجة.

في الفيلم القصير الذي أنتجته الجائزة العالمية للرواية العربية يقول نصرالله إن روايته الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية هذا العام “حرب الكلب الثانية”، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون، فيها محاور كثيرة تمس الإنسان بصورة مباشرة والطبيعة والبيئة، مضيفا “ربما نحن أهملنا كثيرا النظر إلى البيئة والاهتمام الذي تستحقه وعملنا كبشر على تدميرها بصورة رهيبة، للأسف نحن أشبه ما نكون بأناس في طائرة يحدث فيها خلل ما، لكن ليست لديهم مظلات، حتى الآن ليست لدينا أي مظلات تؤكد هبوطنا على أي كوكب آخر غير هذا الكوكب، لكن جهنمية ووحشية البشر اللتين يمارسهما الإنسان ضد المختلف عنه وصلتا في هذه الرواية إلى ممارسة العنف الشديد أيضا، هي مساحة تأمل فكرية، لا أريد أن أقول فلسفية، لكنها محاولة تأمل للبشر”.

ويضيف نصرالله “السؤال الذي تطرحه الرواية أرهقني وأرهق الكثير من القراء، هو: ما الذي يريده الإنسان فعلا؟ أعتقد أنه لم يستطع حتى اليوم أن يتعلم أي درس، فلا الكتب السماوية استطاعت أن تجعله أفضل؟ ولا كتب الحكماء والفلاسفة والشعراء والفنانين، وأحيانا أحس بأنه لا توجد لدينا مكتبات على الكرة الأرضية، بأنه لم يخلق شعراء ولم يخلق أي فنان، وبالتالي الرواية تذهب إلى هذه المناطق الواسعة لتأملها”.

يقول نصرالله “إن الرواية تتحدث عن المستقبل وهي واحدة من الروايات التي لم أستطع الهرب منها وسأعترف بأنها كانت قاسية إلى درجة أنني لا أتمنى أن أعيد كتابة مثل هذه الرواية أبدا. ربما ما يعوض عن ذلك ليس التعب فقط، ولكن تلك الأزمة التي أدخلتني فيها هذه الرواية، ربما ذلك الاستقرار الذي لمسته من القراء بشكل عام، ومن الطريف أيضا أن كل المواقف التي تأزمت فيها تماما كنت أكتشف أن القراء كانوا يتأزمون فيها مثلي، ربما هذا الدرس الأساسي لنا ككتاب؛ اُكتب بكل قلبلك ليقرأك القارئ بكل قلبه لأنك لو كتبت بنصف قلب فلن يقرأك أحد”.

ويضيف “حين تكتب عن شيء، تكتب عن ذلك الشيء الذي لا تستطيع الهرب منه، بمعنى لابد من مواجهة هذه الأفكار والهواجس، حين كتبت هذه الرواية كنت منشغلا برواية أخرى عن فلسطين لكن قطعت حبل هذه الرواية وعملت على هذه الرواية، لأنه لم يكن بالإمكان أن تؤجل. مع أنني من الناس الذين يخططون كثيرا لكل عمل، وليس هناك عمل بالمطلق كتبته قبل مرور خمس سنوات على التفكير فيه وكتابة ملاحظات، ووضع ملف خاص به، رغم كل هذا الترتيب إلا أن هناك دائما أعمالا تفاجئني، يعني عندما كنت أحضر كتابي ‘الكتابة‘ منذ أشهر كي أنشره، وكنت قد أصدرت رواية ‘شرفة الهذيان‘، وكان هناك سؤال صحفي: هل تعتقد أنك ستكتب روايات أخرى بعنوان ‘شرفات‘ بما أنك وضعت كلمة ‘شرفة‘؟ فقلت له أظنني سأكتب رواية أو اثنتين، بعد ذلك كتبت 6 روايات”.

ويلفت نصرالله إلى أن “حرب الكلب الثانية” ليست عن العالم العربي فقط، ويقول “الرواية عن الإنسان وعن هذا الكوكب، ولذلك تعمدت ألا أطلق اسما على البلد أو المدينة التي تدور فيها أحداث الرواية، لأنني أرى أن ما يدور هو أوسع من أي بقعة يمكن أن يلصق بها هذا الخراب الشامل، حقيقة ما أقلقني فعلا حين كتبت هذه الرواية ما عشناه كلنا وليس ما عشته أنا فقط، إننا وصلنا إلى مرحلة من المراحل لم تعد قادرا على أن تعرف هل أن هذا الذي يسكن معك في عمارة واحدة وأبواب متقابلة سيكون قاتلك في اليوم التالي أم سيدافع عنك إذا تعرضت إلى أي خطر؟ ما يؤرقني أنه لم يعد الناس قادرين على قبول المختلف أبدا، حتى بعض الأحداث الكبرى التي عشناها ونحن لم نكن في داخلها مثل ما حدث في سوريا كان مجرد طرح رأي، وقد كتبت حيال الحرب في سوريا ‘كلما حاول أحدهم طرح رأي فيها فتح جبهة جديدة‘، نحن أصبحنا فعلا مثل القنابل الموقوتة”.

♦ إبراهيم نصر الله من مواليد عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، عاش طفولته وشبابه في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان٬ الأردن. بدأ حياته العملية معلما في المملكة العربية السعودية، من ثم عاد إلى عمّان وعمل في الصحافة، ومؤسسة عبدالحميد شومان، وتفرغ للكتابة عام 2006. أشرف نصرالله على دورتين من الندوة “ورشة إبداع” التي تنظمها الجائزة العالمية للرواية العربية سنويا للكتاب الشباب الواعدين، في عامي 2014 و2016.

♦ ترجمت أربع من رواياته وديوان شعر إلى اللغة الإنكليزية، منها “زمن الخيول البيضاء” المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009 و”قناديل ملك الجليل” المرشحة للقائمة الطويلة عام 2013. وفي مقال عن رواية “زمن الخيول البيضاء”، التي كتبت في العام 2012، أشادت صحيفة النيو ستيتسمان البريطانية بـ”صوت نصرالله الذي يلقي الضوء على حيوات المهمشين”.

♦ بفوز نصرالله بالبوكر العربية هذا العام، تعتبر رواية “حرب الكلب الثانية” أفضل عمل روائي نُشر خلال الـ12 شهرا الماضية، وجرى اختيارها من بين 124 رواية مرشحة تمثل 14 بلدا عربيا.

يضيف الكاتب “هناك شيء جنوني في البشر أصبح مؤرقا لي وصعبا عليّ أن أفهمه بالطريقة التي اعتدت أن أشغل بها عقلي، ولذلك أنا وصلت فعلا في هذه الرواية إلى أقاصي الجنون، صحيح أنني استخدمت عقلي لأصل إلى هذا الجنون ولكن حين تكتب مثل هذه الرواية فعلا عليك أن تصل إلى أقصى الجنون، وصلت في فترة إلى درجة لم أكن أعرف فيها أن أتنفس، لأني فعلا لا أستطيع التنفس، أكتب ثم أذهب إلى الشباك وأفتحه لأتنفس ثم أعود لاستكمال الكتابة، نحن نعيش حالة عسيرة من الصعب أن تتعامل معها وكأنك تغطيها بطبقة مكياج خفيف أو ثقيل، هناك داء توغل في داخلنا وعلينا أن نقرأه بجرأة شديدة”.

يؤكد نصرالله أن الأدب العربي الحديث كله أفضل من يمثل الصورة الحقيقية لمجتمعنا العربي وحركة هذا المجتمع على كل المستويات، بل يعتقد أنه التاريخ الفعلي للمجتمع العربي بعيدا عن التاريخ الرسمي الذي أصابه التزوير، التاريخ الرسمي يملك الإذاعة والتلفزيون والكتاب المدرسي والقنوات الفضائية والمؤذن، يملك كل شيء، فقط الشعوب العربية لديها هذا الصوت النقيض المتمرد الذي اسمه الكاتبة/ الكاتب العربي الذي قدم لنا الصورة الفعلية لما نعاني منه ونعيشه، هذا ما أعتقده قيمة الأدب العربي، وربما في الحالة الفلسطينية الحالة مركبة أكثر.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر



جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة التاسعة والعشرون العدد 9165 الأربعاء 25 نيسان (ابريل) 2018 - 9 شعبان 1439 هـ
القاهرة ــ «القدس العربي»


«حرب الكلب الثانية» لإبراهيم نصر الله تحصد البوكر العربية 2018



أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في دورتها لهذا العام 2018، مساء أمس الثلاثاء فوز رواية «حرب الكلب الثانية» للكاتب إبراهيم نصر الله، صاحب «الملهاة الفلسطينية» والمشروع الروائي الأطول، الذي يتناول الأرض الفلسطينية بناسها وأحوالها. في روايته الأخيرة يقفز نصر الله إلى المستقبل، ويضرب التاريخ عرض الحائط، هذا التاريخ الذي اشتكى من أصحابه، وأصبحوا غير نافعين له، وقد مل من تحميله خيباتهم وآمالهم الضائعة. شكل الرواية ينتمي إلى عالم الخيال العلمي، وحال هؤلاء البشر مع مستقبل قد يبدو من بعيد وكأنه مبشر بعالم جديد، إلا أنهم يسقطون أيضاً في جو من الغرائبية، تحاول أن تعادل غرائبية الوقائع التي يعيشونها.

السخرية وتجاوز اليقين

«باع رجلٌ كلبه لرجلٍ آخر بعد أن اتفقا على مبلغ دفع الشاري نصفه، وأبقى النصف الآخر لنهاية الشهر، كما جرت العادة في تلك الأيام، لم يدفع الشاري النصف المتبقي في موعده، فذهب صاحب الكلب وذكَره بالأمر، فوعده أن يدفع نهاية الشهر التالي. لكن ما أغاظ البائع كثيرًا أن كلبه نبح بشدة عليه، وكان على وشك أن يهاجمه! فرأى في ذلك انحيازًا فجًا ليس من صفات الكلاب في شيء. في نهاية الشهر الثاني، ذهب البائع فخرجت امرأة الشاري، التي عملت كثيرًا على كبح جماح الكلب النابح بأن حجزته بإغلاق الباب خلفها، وقالت له إن زوجي في بيت عزاء، وكانت تلك البيوت منتشرة في تلك الأيام فقد كان الناس يموتون فرادى، ولم يكن الموت الجماعي أمرًا معروفًا سوى في مذبحةٍ هنا أو هناك. غضب البائع وأدرك أنه لن يستطيع الحصول على النصف الآخر، استدار البائع مبتعدًا وقبل أن يخطو ست خطوات سقطت كتلة ملتهبة من السماء بين كتفيه وراحت تنهشه، استطاع الكلب القفز من الأسوار، مات البائع. حمل أهل القتيل قتيلهم وذهبوا بأسلحتهم إلى دار العزاء، وهناك نادى أحدهم الشاري، خرج، فقتلوه، وحين ثار أقاربه أطلقوا النار صوبهم، فاشتعلت المعركة، وتعارك البقيّة فاتسعت!» (الرواية). هكذا تنشب الحروب، لأسباب واهية لا تمت إلى منطق، في عالم عربي لم يعرف منطقاً طوال تاريخه، وحتى مستقبله المرجو.

المناضل العربي وتحولاته

ومن سمات المناضل المستقبلي، الموسوم بالعروبة، أنه يتحوّل كغيره من المناضلين، إلى عميل أمني بامتياز. خبير النضال هذا لم يزل عقله يعمل دون كلل، وكل هدفه أصبح يكمن في كيفية السيطرة على مخاليق الله، فيفكر في إنشاء سجون كبرى يعيش فيها الناس، كما يعيش المرضى في المصحات. فهل اختلف المناضل المستقبلي، الذي استطاع عيش عصر الاستنساخ والحياة مع صورة كان يعيشها في الماضي أن يتخلى عن تاريخ قمعي طويل بطول التاريخ العربي؟ الأمر هنا يصل إلى استنساخ السلطة القمعية التي كان يناضل ضدها، وقد أصابته ليصبح أحد رعاياها المخلصين عندما واتته الفرصة. حتى أن زوجة المناضل (راشد) ليست سوى شقيقة الضابط الذي كان يقوم بتعذيبه. فهذا الداء هو داء جيني أكثر منه انحراف في الشخصية. فهناك استعداد دائم للسيطرة والاستبداد، مهما كان تاريخ هذا المستبد في السابق. وعلينا ألا ننسى أن التاريخ نفسه ــ حسب رؤية نصر الله ــ قد غادر أصحابه وترك المستقبل يلهو بهم.

الأسلوب الروائي

حاول إبراهيم نصر الله أن تتلون روايته بحكاياتها المتشعبة بكل ما هو غرائبي وفانتازي، وقد هجر منطق وقائع الرواية، الذي أصبح يتسول أمام الوقائع نفسها. هنا تبدو التكنولوجيا وقد أصبحت بدورها سلطة تعيد صياغة البشر، وأن تغذي ما لديهم من جينات القهر والتسلط، وممارسة الحروب كألعاب الصبية في الحارات ــ لاحظ أن ألعاب الصبية أيضاً تتخذ شكل الحرب، فهناك قاهر ومقهور ــ هكذا تتحول اللعبة إلى واقع لم نزل نحياه ونعيشه، فكان لابد من أسلوب يتجاوزه، دون نسيان إطار عام ساخر وتهكمي يحكم كل شيء.
يُذكر أن دورة هذا العام ضمت ست روايات وصلت إلى القائمة القصيرة، وهي: «زهور تأكلها النار» للكاتب السوداني أمير تاج السر، «الحالة الحرجة للمدعو ك» للكاتب السعودي عزيز محمد، «ساعة بغداد» للكاتبة العراقية شهد الراوي، «حرب الكلب الثانية» للكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، «الخائفون» للكاتبة السورية ديمة ونّوس، ورواية «وارث الشواهد» للكاتب الفلسطيني وليد الشرفا. وتكونت لجنة التحكيم من خمسة أعضاء برئاسة الأكاديمي والناقد الأردني إبراهيم السعافين.

عن موقع جريدة القدس العربي


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)