العالم العربي في ألبومات تان تان

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
الأربعاء 17-03-2021
المدن - ثقافة
شريف الشافعي - كاتب وشاعر مصري


العالم العربي في ألبومات “تان تان”



كان الجنرال ديغول 1890-1970 يعتبر “تان تان” "غريمه الحقيقيّ الوحيد على الصعيد الدولي"، هذا المغامر الصغير (تان تان) الذي جاب العالم ولم يَـنْـسَ في رحلاته الكثيرة الساحرة أن يزور بلاد العرب وأن يطلق العنان فيها لخياله. وقد حاول المؤلف والديبلوماسي الفرنسي، لوي بلين، أن يفككه ويبيّن عناصره ومصادره في كتابه “العالم العربي في ألبومات تان تان”، وصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بترجمة سعود المولى.

يعترف أوروبيون كثر بأنّ انجذابهم نحو العالم العربي جاء من قراءة ألبومات “تان تان” في طفولتهم. كان هيرجيه (كاتب قصص “تان تان”) عامل وساطة ثقافية، حين بدأ يصف هذا الشرق القريب كفضاء حُلمي، وهذا لم يكن أقل فضائله ومزاياه في زمن انخفاض قيمة الثقافة العربية في الغرب المعاصر. صورة العالم العربي التي تنقلها مغامرات “تان تان” تلخص جيدًا أحكام الغربيين المسبقة حياله؛ فحين يقرأ العربي ألبومات “تان تان” يتعرف، وهو يتسلى، على رؤية الغربي ونظرته التي كوّنها عنه.

بروميثيوس الشرائط المصورة

يتألف الكتاب من 12 فصلًا. وفي الفصل الأول بعنوان “هيرجيه وتان تان والعالم”، نجد ثلاثة عناوين فرعية، هي: هيرجيه والسياسة، والاستكشاف الداخلي للذات، والتوليفة الوجودية. وبحسب المؤلِّف، كان هيرجيه يقول إنه هو تان تان نفسه، في حين كانت حياته تؤكد عكس هذا القول؛ فهو لم يغادر أوروبا الغربية قبل بلوغه عمرًا متقدمًا، “ويبدو تان تان وكأنه الابن الذي لطالما حلم به ولم يستطع أن يحصل عليه، لا بل الشخص الذي أراد أن يكونه. خلقه هيرجيه وهو أبوه. ولذلك رفض أن يوقع أي كان واحدًا من كتبه معه. وشخصية تان تان هي تركيز لما كان يريد أن يكون عليه لكنه لم يكنه. وترتبط الأنوية الذاتية الحادة عند هيرجيه باندهاشه بعالم المغامرات حيث وحدها الشجاعة والتصميم والصلابة تسمح للفرد بأن يصل إلى مبتغاه سالمًا معافى. بالتالي، فإن تان تان يحلم دائمًا بتجاوز الذات، بحسب أخلاقية الكشاف، وبأن يكون أكثر مما هو عليه، أو حتى غير ما هو عليه. إنه شخص غير راضٍ أبدًا، قلق عصابي وجودي عميق، وفق التقليد النقي لوجودية القرن العشرين التي حاولت أن تصهر إنسانًا جديدًا قادرًا على تغيير العالم. إنه بروميثيوس الشرائط المصورة”.
أمّا في الفصل الثاني، “تان تان وسجائر الفرعون”، فيقول المؤلف إن هذا الألبوم ظهر في العام 1934، فكان أولى مغامرات تان تان الحرة. كان هيرجيه يومئذٍ شابًّا مأخوذًا بسحر الشرق، “ولكن أي شرق كان ذاك الساحر؟ أين يبدأ شرق هيرجيه؟ والسؤال ليس غير ذي أهمية: من حيث إنه مفهوم، يشكل الشرق المتخيل نقيض الغرب ولا حدود واضحة له. فهو قد يشمل كل ما تبقى من العالم، أي كل ما لا يعتبره الغرب خاصته أو امتدادًا مباشرًا له”. وهذا مفهوم تتغير أبعاده الجغرافية، فـ “شرق الغربيين يقوم على رؤيتهم الخاصة العرضية عن العالم؛ إذ يسمح لأوروبا أن تتفكر عكسيًّا هويتها الخاصة [...] لا يمكن أن نحدد أنفسنا إلا بالنسبة إلى غيرية ما. الشرق هو الوجه المخفي للغرب الذي يبحث فيه عن أصوله [...] وهنا يتحرك هيرجيه، تمامًا كما في الوجوه الأخرى لأعماله، بوصفه كاشفًا معبرًا. لكن طريق الشرق محفوف بالكمائن والمخاطر”؛ إذ يقول المؤلف: “كان الوضع السعودي في تلك الأيام مصبوغًا بطابع صراعات السيطرة والنفوذ بين الشركات البترولية، وهو موضوع نراه أيضًا في ألبوم تان تان وعصابات شيكاغو (تان تان في أميركا)، لكن المملكة العربية السعودية التي يقصدها تان تان في تلك الأيام لم تكن بعد منتجة للنفط؛ إذ لم يبدأ استخراج النفط السعودي إلا في عام 1938، لذلك فإن تان تان لم يصل إلى أرض الذهب الأسود في رحلته الأولى إلى المملكة العربية السعودية”.

ثمّ يأتي الفصل الثالث، “التلاحق والتقاطع بين ألبومي تان تان في أرض الذهب الأسود، وتان تان والمخالب الذهبية”، وفي هذا الفصل يقول المؤلف إن نشر ألبوم تان تان في أرض الذهب الأسود بدأ في أيلول/ سبتمبر 1939. وتأتي مغامرة تان تان الثانية في الشرق الأوسط عند هيرجيه مع الاحتلال الألماني الثاني لبلده. وعن ألبوم تان تان والمخالب الذهبية، ألبوم المقاومة كما يسميه المؤلف، يقول المؤلف: “تعرض هيرجيه في مطلع شبابه لصدمة عنيفة بسبب الحرب العالمية الأولى، وهو عاش الاحتلال الألماني الثاني لبلاده كما لو كان انهيارًا وانحطاطًا رهيبًا. وقد أصبحت بروكسل عبارة عن مستوعب قمامة. فماذا نجد في المدينة؟ علب معلبات سلطعون [سرطان البحر]، أي الحيوان المجازي لمرض السرطان [...] والسرطان هو أيضًا علامة برج من فلك الأبراج يبدأ في 21 حزيران/ يونيو. وتهجير هيرجيه بدأ في أيار/ مايو 1940، واستسلام بلجيكا أمام الجيش النازي حصل في يوم 28 أيار/ مايو أي بعد 18 يومًا على بدء الغزو: وحين عاد هيرجيه إلى بروكسل في 30 حزيران/ يونيو، أي تحت برج السرطان، كان سرطان النازية قد بدأ يهدد بغَنْغَرَة بلجيكا”.

ذهب أسود وبحر أحمر

بحسب المؤلف، في الفصل الرابع، “تان تان في أرض الذهب الأسود”، لا يتخذ هيرجيه في الطبعات الأولى من الألبوم، أي موقف تجاه العرب ويهود منظمة الأرغون. فهو يصف الوضع من دون أخذ موقف. ولا يمكن اعتبار هيرجيه معاديًا للصهيونية، ولا معاديًا لليهود، “وهذا فريد بالنظر إلى التعليم المعادي للسامية الذي تلقاه مثل كل الكاثوليك المحافظين التقليديين في زمنه. بل إن العداء للسامية لا يظهر أبدًا عنده على الرغم من كل أجوائها المزدهرة في ذلك الوقت. والاتهامات بعدائه للسامية التي أطلقها بعض النقاد ضده على قاعدة مقاطع معيّنة من النجم الغامض تتجاهل النسخة الأولى من مغامرة تان تان في أرض الذهب الأسود. وحتى لو أن هيرجيه لم يكن يحمل أي عاطفة خصوصية تجاه اليهود، إلا أنه يقف طبيعيًا إلى جانبهم حين يواجهون العرب، وذلك بفعل تضامن غربي غريزي”.
ويقول المؤلف في الفصل الخامس، “تان تان وقروش البحر الأحمر”: “نحن أمام ألبوم كفاحي، لا بل هو شفاف وخالٍ من أي دوافع خفية، على العكس من باقي مغامرات تان تان في العالم العربي. والعنوان في حد ذاته هو بيان سياسي ضد تجارة الرقيق يحوّل الضرورة الأخلاقية إلى خط سياسي”. فهذا الألبوم يتصدى لمسألة الاتجار بحجاج إلى مكة يباعون بوصفهم رقيقًا على يد متعهدي نقلهم الذين يكدسونهم في قعر مخزن السفينة خلال الرحلة عبر البحر الأحمر. تجار الرقيق وزبنهم هم من العرب. وهيرجيه يقدم لنا، في هذا السياق، السود بوصفهم ضحايا للبيض، كما فعل سابقًا بخصوص الهنود الحمر. لكن هؤلاء السود جميعهم سُذّج ومحدودو التفكير مثلما كان حالهم في تان تان في الكونغو؛ ما يظهر لنا أن أحكام هيرجيه المسبقة كانت لا تزال كما هي حيالهم.

من ناحية أخرى، يقول المؤلف في الفصل السادس، “تان تان وفن الأبجدية”، تحت العنوان الفرعي “بحث عن الذات”: “يجمع هذا الألبوم الأخير غير المنتهي لهيرجيه بين شغفيه الفن والمغامرة، ويقدم لنا مفتاح فهم أعماله. إنه ألبوم وصية أخيرة، يسرد قصة فنان تجريدي من المرجح أنه جامايكي، اسمه رامو ناش (أي ’الفجل الأسود‘ باللهجة الفلمنكية)، يجبره إندادين آكاس على نسخ لوحات أصيلة عوض الانهمام بتطوير إبداعاته الخاصة. وأعمال رامو ناش غير مفهومة من الجمهور، مثلها مثل أعمال هيرجيه، كما كان يعتقد هذا الأخير. وهذه الأعمال كانت عبارة عن سلسلة من أحرف الأبجدية تعرض وتباع في المعارض الفنية، ومن هنا اسم فن الأبجدية أو الفن الأبجدي الذي تشرحه السيدة كاستافيور على أنه ’يعود إلى فجر الحضارات‘. والحال أن هيرجيه هو أحد رواد الشريط المصور في أوروبا والذي صار يعرف بأنه الفن التاسع. وهذا الفن يجمع بين الرسم والنص، فهو إذًا بكل تأكيد ’فن أبجدية‘”.

تان تان العربي

في الفصل السابع، “العرب في مغامرات تان تان”، يقول المؤلف إن تان تان يلتقي في مغامراته بكثير من الأجانب، “لكننا نتعرف إلى عدد محدد منهم فقط ويصبحون من أصحاب الأدوار الرئيسية عند البطل لينالوا بذلك مرتبة الشخصية في الشريط المصور. من بين العرب نذكر الأمير محمد بن قليش عزب وابنه عبد الله، وبطرش باشا، وعمر بن سلعاد، وباب الإهر (باب البحر)، وأخيرًا الحالة الخاصة: إندادين آكاس”. إنّ إندادين آكاس هو الشخصية الأخيرة التي خلقها هيرجيه في تان تان وفن الأبجدية. يقول المؤلف: “الحال أن هذا الاسم له وقع عربي واضح. فاسم إندالدين منحوت على مثال الأسماء العربية الإسلامية التي تنتهي بكلمة ’الدين‘، مثل نور الدين وخير الدين [...] لكن إندالدين ليس له أي معنى بالعربية. لعل هيرجيه أراد أن يضيف معنى خاصًا به حين نحت تلاعبًا بالكلمات كعادته. فيمكن ترجمة إندالدين حرفيًا على أنه ’نهاية الدين‘، إذا جعلنا منه اسمًا أنغلو عربيًا، وهو تفسير يتوافق مع شخصية المجوسي [الساحر] أو الغورو التي يجسدها في الألبوم. هذا التفسير يفترض معرفة هيرجيه بمعنى كلمة الدين العربية، وهذا يبدو مشكوكًا فيه أول وهلة، نظرًا إلى جهله بالثقافة العربية، لكنه أمر غير مستبعد”.

يذكر المؤلف في الفصل الثامن، “تان تان العرب”، أنّ تان تان لم يذهب إلى أي بلد من البلدان “التي ساهمت مساهمة مهمة في ثقافتنا مثل اليونان أو إسبانيا أو اليابان”، لكنه من ناحية أخرى يقول إنه ذهب أربع مرات إلى العالم العربي: “منها مرة إلى المغرب وثلاث مرات إلى الشرق الأوسط: مصر وفلسطين لفترة وجيزة، والمملكة العربية السعودية لثلاث مرات”، مُضيفًا قوله إنّ هيرجيه لا يذكر في أعماله أي بلد عربي بطريقة ظاهرة باستثناء المغرب، “وهو ينظر إلى المغرب نظرته إلى المستعمرة الفرنسية التي كان عليها في ذلك الوقت وليس باعتباره جزءًا من العالم العربي الذي لم يكن ليتصور على الأرجح وجوده، أو يدرك على الأقل أهميته الثقافية. ونحن نعلم أن تان تان زار مصر لأننا نعرف أن بور سعيد والسويس هما في مصر. والأمر نفسه بالنسبة إلى فلسطين حيث نجد حيفا في نسخة الإصدار الأول من ألبوم تان تان في أرض الذهب الأسود، وبالنسبة إلى المملكة العربية السعودية حيث ترد مكة في نسخة الإصدار الأول بالأبيض والأسود لألبوم سجائر الفرعون، ثم جدة ومكة في قروش البحرالأحمر. ونسخة الإصدار الأول من زهرة اللوتس الزرقاء والتي تعود إلى عام 1935 تتضمن خريطة ترسم مسار تان تان من بداية رحلته إلى الشرق. وتذكر الخريطة بلد ’العربية‘ من دون ذكر صفة ’السعودية‘”.

أمّا في الفصل التاسع، “تان تان واللغة العربية”، فيذكر المؤلف أن هيرجيه كان منبهرًا بشرق أدخل فيه الشرق الأوسط؛ ومن ثمّ يبدو من المفارقة البديهية أنْ لا يهتم مطلقًا بثقافته. ونراه يستخدم الأبجدية الكيريلية والعبرية والصينية بدقة، بخلاف الخط العربي، “ولم تظهر أحرف الخط العربي صحيحة إلا في النسخات المعادة طباعتها من ألبوماته والتي عمل هو ومعاونوه على تنقيحها من الأخطاء الكثيرة الواردة في الطبعات الأولى؛ فحلّت هذه الأحرف العربية الصحيحة محلّ شبه العربية التي كانت في الأصل”. ثمّ يضيف المؤلف قوله: “يحمل استخدام اللغة العربية منسوخة بالأبجدية اللاتينية أو مكتوبة بأحرف عربية، خيالية أو صحيحة، بالنسبة إلى هيرجيه وظيفة غرائبية استشراقية لا سياقية ظرفية. وليس في هذا ما يدهش؛ إذ من الصعب أن نجد في رحلات تان تان عبر العالم العربي عناصر تدل على مساهمته في الثقافة العالمية، اللهم باستثناء ربما بعض المآذن والأسوار”.

هل كان هيرجيه عنصريًّا؟

يطرح المؤلف في الفصل العاشر، “العرب وتان تان”، سؤالًا هو: “ما الذي كان سيصدم قراء تان تان العرب؟”. وبحسبه، ليست شخصيات العرب الشريرة هي التي تصدمهم بقدر ما هو موقف هيرجيه العام من العرب. صحيح أن هيرجيه حسّن تصوره للعرب واللغة العربية على مر الألبومات، والطريقة التي يضع فيها العرب المجهولين على المسرح تكشف عن مضمون رؤيته العميق للشرق، فهي تبرز بطريقة فصيحة أسلوب اشتغال العنصرية الكامنة عند الأوروبيين حيال الشرق، أي تلك الرؤية الإجمالية التي تحط بقوة من قدر العربي المجهول، لكنها لا تلغي في الوقت نفسه التعاطف مع عربي نقيم معه علاقات. ثمّ إنّ المؤلف يذكر أن معظم العرب في ألبومات هيرجيه أغبياء أكثر من كونهم شريرين، مضيفًا قوله: “لا يبدي تان تان أي مشاعر عداوة أو احتقار حيال العرب. هو يتعامل معهم كما يراهم، لكن لا يشعر نحوهم بأي انجذاب أو تعاطف. شخصيات عربية عدة عند هيرجيه هي شريرة خصوصًا باب البحر وعمر بن بغار، وتاجر العبيد في قروش البحر الأحمر، وإندادين آكاس. وهذا الوضع لا يغيظ العرب، فهم ينتقدون الغربيين لأنهم يحتقرونهم، وليس لأنهم يصورونهم على أنهم رجال عصابات، وهذا نتيجة عقدة المستعمَر المعروفة”.

يرد الفصل الحادي عشر من الكتاب بعنوان “هل كان هيرجيه عنصريًا؟”، وفي هذا الفصل يرى المؤلف أنّ العنصرية الكامنة في ألبومات تان تان إذا كانت تبدو اليوم مروعة، فإنها تمسي لا قيمة لها مقارنة بالتجاوزات التي اتهم بها ملك بلجيكا في مستعمرته الأفريقية في القرن التاسع عشر، وبالدعوات العنصرية إلى القتل التي شاعت في أوروبا في ذلك الوقت، خصوصًا في أوساط اليمين حيث كان يتحرك هيرجيه، والتي نعرف نتائجها الكارثية. فهل ينبغي لنا أن نضع ضمن صنف العنصرية نفسه هذه الأيديولوجيا، أو تلك الممارسات العنفية، وأبوية هيرجيه الخالية من أي عدوانية كفاحية، آخذين معيارًا في ذلك أساسه الأيديولوجي المشترك؟ ثمة الكثير من رسوم هيرجيه تحمل طابعًا عنصريًا؛ إذ هي تحط من قدر مجموعات من الناس المحددين التي لا ينتمي إليها هو نفسه. إنّ هيرجيه ينتقل ما بين التفضل والاحتقار، من غير تعطُّف، إلا أنه ليس معاديًا على نحو منتظم أو إرادي؛ فهو لا يحمل نيات خبيثة.

في الفصل الثاني عشر، “من الشرق ينبعث النور”، يجد المؤلف المفارقة التي تحيط بعلاقة هيرجيه بالعالم العربي في “أننا أمام كاتب لا يجذبه العالم العربي، لكنه يجعل منه المسرح الرئيسي لمغامرات بطله، فكأنه قدر مرسوم له. كان هيرجيه يحتاج في لاوعيه الباطني إلى الشرق لكي ينوجد تان تان كبطل من أبطال الغرب. وهذا تجسيد إضافي لوظيفة العالم العربي الوجودية بالنسبة إلى الأوروبيين، ومغامرات تان تان تدعوهم إلى التفكر الذاتي في تصورهم عن هذا الجزء من العالم، ومن خلال هذا الاستبطان في علاقتهم بالخارج وفي رؤيتهم للعالم. كانت أوروبا تعرف العرب لكن تظهر جهلًا مستقرًا حيالهم. فهي كانت تبحث عن شرق يطابق استيهاماتها وليس عن بلد حقيقي، إلى حد قيامها بإعادة تشكيله كي يصبح مبهرًا”. وبحسب المؤلف، لم يكن هيرجيه، هو نفسه، على وعي بالسعي الشرقي لبطله، ولا أنه سقط ضحية الإغرابية الاستشراقية. وموقفه حيال الشرق “جزء من ميثولوجيا نسجت من خيوط الرؤية الإغرابية الموروثة من مدونة أدبية رومانسية للقرن التاسع عشر، تبدأ من فرنسوا رينيه دو شاتوبريان، إلى غوستاف لو بون، مرورًا بفيكتور هوغو، وألفونس دو لامارتين وجيرار دو نرفال”.

لوي بلين

دبلوماسي فرنسي من مواليد مرسيليا (1957)، حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة السوربون بباريس، ودبلوم الدراسات المعمقة في سوسيولوجيا العالم العربي، والإجازة في اللغة العربية. عمل أستاذًا للغة الفرنسية في الجزائر وسورية (1978-1980)، وصحافيًا (1986-1991)، وباحثًا في المركز القومي للبحوث العلمية في القاهرة (1991-1995). عمل في السلك الدبلوماسي الفرنسي منذ عام 1995. كان قنصلًا عامًّا لفرنسا في جدة (2012-2015) وفي الإسكندرية (2003-2005)، وهو حاليًّا مكلف بشؤون العالم العربي والإسلامي في مركز التحليل والتوقع والاستراتيجية التابع لوزارة الخارجية الفرنسية. له العديد من الكتب والمقالات عن العالم العربي.

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة

حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)