السينما المصرية خمسون عاماً من الفرجة دار كتاب للنشر والتوزيع - دبي - 2018

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الجمعة 28 سبتمبر 2018
جريدة الحياة
الحياة - ثقافة
القاهرة - محمد عويس


قراءة لخمسين عاماً من السينما المصرية


يلخص ناصر عراق في كتابه «السينما المصرية خمسون عاماً من الفرجة؛ أفلام لها تاريخ: نجوم خالدون» (دار كتاب للنشر والتوزيع - دبي) جهد خمسة عشر عاماً من الكتابة في مجال السينما، وخمسين سنة من المشاهدة، مهموماً بالسينما وعلاقتها بالمجتمع، إذ يقدم بانوراما عريضة عن الأجواء السياسية والاجتماعية التي تؤثر في صناعة الأفلام، وكيف ولماذا يتألق هذا النجم أو ذاك منذ مطلع القرن العشرين وحتى بداية سبعينات القرن ذاته؟ وقد حاول أن يعبر عن قناعاته الفكرية والفنية بلغة رشيقة وجذابة قدر استطاعته.

وهو ضمّن كتابه أيضاً إحصاءات لتأكيد بيانات، وأيضاً معلومات منها: عام 1966، بلغ تعداد المصريين نحو 30 مليون نسمة، بينما وصل عدد سكان القاهرة وحدها إلى أربعة ملايين وربع المليون، أما عدد دور العرض في مصر كلها فكان يزيد على 400 دار عرض، (في 1952 كان عدد دور العرض 315) والقاهرة وحدها تضم نحو 200 دار عرض؛ وكان المصريون ينتجون ما يقرب من أربعين فيلماً في العام الواحد خلال حقبة الستينات. ففي عام 1966 تحديداً عرض 36 فيلماً جديداً، بينما وصل عدد الأفلام الجديدة في عام 1954 إلى 68. وكان ارتياد السينما عادة أصيلة وحميدة يمارسها أبناء الطبقات كلها. ولقد أنتج المصريون نحو 2835 فيلماً طوال القرن العشرين وحتى نهاية عام 2000.

يستعرض الفصل الأول «ظواهر سينمائية عامة»، وهي الظلال الأوروبية في السينما المصرية كنتاج لورقة ألقيت في مؤتمر «أوروبا والعرب: تمازج الثقافات» في الجامعة الكاثوليكية بميلانو2017، حاول فيها الكاتب الإجابة عن أسئلة تخص نشأة العلاقات السينمائية بين مصر أوروبا وتحولاتها وتطورها وحتى صراعاتها منذ عام 1895، منها: أن مصر محط أنظار الأوروبيين منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين يمكن أن توفر المزيد من الربح لصناع السينما، ذهاب القادرين من المصريين ومنهم: محمد بيومي، محمد كريم، نيازي مصطفي إلى أوروبا لدراستها على نفقتهم الخاصة؛ عقب ثورة 1919 تأسست شركة مصر للتمثيل والسينما؛ ويعد «استوديو مصر» المدرسة الأم لهذه الصناعة التي تخرج فيها كبار المخرجين والمبدعين المصريين. وقد اهتم الأوروبيون والأميركان بمصر في فترة الخمسينات والستينات، وصنعوا أفلاماً تدور أحداثها في مصر واستعانوا بممثلين مصريين وبينهم فاتن حمامة، يوسف وهبي وعبدالمنعم إبراهيم وعادل أدهم.

وفي سياق أحد فصول كتابه، يتساءل ناصر عراق عما إذا كان أحد يجرؤ اليوم على إخراج فيلم بعنوان «ملائكة في جهنم» من دون أن يتعرض للغمز واللمز، وربما يُتهم بازدراء الأديان ثم يحاكم بتهمة التكفير؟ وهو يفيدنا بأن هذا الفيلم عرضته دور السينما في آذار (مارس) عام1947 في ذروة نشاط «الإخوان المسلمين»، فلم يعترض عليه أحد أو يطالب بمنعه حينذاك لأنه بحسب الكاتب كانت النتائج الفكرية والإبداعية لثورة 1919 ما زالت تتوالى فتنير العقول وتستثير الهمم.

وإلى هذا، يلفت المؤلف مثلاً إلى أن الموسيقار محمد عبدالوهاب رغم اقتصار أفلامه الخاصة على سبعة ظل، حاضراً بقوة في معظم الأفلام المصرية تقريباً في شكل لم يحظ بمثله أي فنان آخر.

وفي الفصل الثاني، يتناول عراق ما يعتبره «أفلاماً لها تاريخ» أفلاماً يرى أنها تمثل منعطفاً مهماً في تاريخنا السينمائي، من هنا قدّم قراءة جديدة لها فنياً واجتماعياً، فضلاً عن تأكيده أن هذه الأفلام المختارة ما زالت قادرة على إمتاع المشاهد حتى الآن، منها فيلم «أولاد الذوات» أول فيلم مصري تخلصت فيه السينما من السكوت ومنحت الممثلين والجمهور نعمتي الحديث والسمع في عام 1932، وفيلم «الوردة البيضاء» الذي كان أول فيلم مصري يعرض في الصباح، حيث كان كل مشاهد يحصل على وردة بيضاء قبل الدخول؛ وفيلم «العزيمة» الذي يقول أنه يعد من وجهة نظر النقاد أفضل فيلم مصري في القرن العشرين؛ وفيلم «مصطفى كامل» أول فيلم روائي عن زعيم سياسي مصري، وفيلم «الشيخ حسن» الذي يعد أجرأ فيلم تناول العلاقة بين المسلمين والمسحيين في تاريخ السينما المصرية وكان أن أمر اللواء محمد نجيب رئيس الدولة آنذاك بسحبه من دور العرض استجابة للاعتراضات.

واختار الكاتب في الفصل الثالث، تناول النجوم اللامعة التي أضاءت الشاشة، بدرجة من التحليل والتعمق، من الذين ساهموا بنصيب في ترسيخ فن السينما من ناحية، أو لعبوا أدواراً رئيسية في إسعاد الجمهور ومنهم: نجيب الريحانى، يوسف وهبي، محمد عبدالوهاب، أم كلثوم، أنور وجدى، إسماعيل ياسين، فريد شوقي، محمود مرسي، فؤاد المهندس، سامية جمال، شكري سرحان، فاتن حمامة، سعاد حسني، محمود ياسين ونور الشريف.

عن موقع جريدة الحياة

جريدة الحياة

“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)