تراث

“السنتوارية” حرفة دينية وتراثية في فلسطين تزدهر مع “أعياد الميلاد” Palestine - Bethlehem

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


السنة الخامسة والعشرون - العدد 7581 - الإثنين 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 - 30 ذو الحجة 1435 هـ
جريدة القدس العربي
تحقيقات
بيت لحم - من قيس أبو سمرة


تشكل صناعة التحف التراثية، والمجسمات الدينية المسيحية، من خشب الزيتون في مدينة بيت لحم، بالضفة الغربية المحتلة، تاريخ وتراث فلسطيني يعود إلى ما قبل القرن السادس عشر للميلاد.

وتشتهر مدينة بيت لحم، مسقط رأس السيد المسيح عليه السلام، بمشاغل تراثية حرفية لصناعة تلك التحف، يطلق عليها اسم “السنتوارية”، حيث تزدهر هذه الحرفة مع قرب الاحتفال بأعياد الميلاد، وتوافد الحجاج المسيحيين إلى المدينة المقدسة.
وتقع في مدينة بيت لحم كنيسة المهد التي يعتقد أن العذراء مريم ابنة عمران ولدت طفلها المسيح عيسى في مغارتهاـ لتصبح أهم موقع ديني مسيحي.

ويحرص الحجاج حسب منسق الإعلام في ووزارة السياحة الفلسطينية جريس قمصية على اقتناء التحف المصنوعة من شجرة الزيتون، التي تعد شجرة “مباركة” تم ذكرها في الكتب السماوية، لافتا إلى “أهمية التحف كونها صنعت في أرض السلام، ومن شجرة مباركة، في أرض مباركة”.

ويضيف قمصية في تصريح خاص لمراسل الأناضول أن “بيت لحم تستعد في كل عام مع بداية شهر نوفمبر/ تشرين ثاني (الجاري) للأعياد الميلادية، بصناعة التحف التراثية، كرمز أصيل لمسيحي فلسطين”، مشيرا إلى أن “الوزارة وبالتعاون مع البلدية والمحافظة تضع لمساتها الأخيرة لاستقبال الحجاج الوافدين من مختلف دولة العالم”.

وأشار قمصية إلى أن “تحف فنية من الأرض المقدسة تعد مقتنيا هاما للحجاج”.

زخريا زخريا، فلسطيني مسيحي صاحب ورشة لإنتاج التحف الفنية، يقول بدوره لمراسل الأناضول “هذه الورشة تعمل منذ العام 1958، وتنتج كل ما يتعلق بالرموز الدينية المسيحية، من صلبان، وتماثيل لمريم العذراء، والطفل يسوع، والمغارة، وزينة شجرة الميلاد”.

ويعتمد زخريا على شجرة الزيتون لإنتاج تحفه، لافتا إلى أن “الحركة السياحية في المدينة بدأت بالتحسن بعد أن تأثرت بالأوضاع السياسية العامة في المنطقة كأوضاع مصر الشقيقة والتهديد بضربة عسكرية على سوريا”.

وتمر التحف حسب العامل إبراهيم محمود في عدة مراحل لتصبح جاهزة للمتسوقين، لافتا إلى أنها “تحتاج إلى التقطيع والنحت والزخرفة والتمليس والدهان، فـأصغر تحفة تعرض للبيع تحتاج وقت وجهد كبيرين لتخرج بهذا الشكل”.

ويستطرد محمود الذي يعمل منذ خمسين عاما في النحت وإنتاج تحف تراثية “المهنة دينية تراثية، عشقها سكان بيت لحم لما لها من طابع ديني مسيحي”.

وفي شارع المهد القريب من كنيسة المهد تنتشر عشرات المحال “السنتوارية” ويقبل الحجاج على اقتناء محتوياتها.
ويقول نمر رشماوي صانع تحف بشارع المهد، معبرا عن عمق ارتباط المدينة وأهلها بهذه الحرفة “منذ 50 عاما وأنا أنتج التحف التقليدية، مر من بين يدي ملاين التحف، هي الآن في شتى أرجاء الأرض، بت أعشق المهنة، هي جزء مني وأنا جزء منها”.

“تضنع التحف من خشب الزيتون لما له من خاصية هامة لاحتواءه على الزيت ولتعرجاته بألوان مختلفة”، يضيف رشماوي بينما يقلب مجسما للطفل يسوع.

إلى جانب رشماوي تحف متنوعة بأشكال مختلفة، تتميز بروعة التصميم ودقة التنفيذ، حيث يستخدم الصانع الفلسطيني الماهر أدوات تقليدية لوضع اللمسات الأخيرة عليها.

وفي العديد من الورش أدخل مؤخرا ماكينات حديثة لنحت التحف بالشكل الأولي، بهدف توفير الوقت والحهد في هذه المرحلة وإنتاج كمية أكبر من التحف، التي تنتقل لمراحل تالية، تكون غالبا يدوية.

ويعلق عيسى مصلح، صاحب محل بيع التحف التقليدية الدينية في شارع المهد، أمله على الحركة السياحية الدينية لهذا العام ليحقق ربحا، ينتظره منذ عام كامل، على حد قوله، مردفا “الحركة السياحية الدينية لا تنقطع في بيت لحم، إلا أن موسم الأعياد الميلادية موسم لكسب الرزق، فالسياح يفضلون المنتجات التقليدية اليدوية بالرغم من ارتفاع أسعارها على المنتجات الصينية التي باتت تغزو الأسواق الفلسطينية وبأسعار زهيدة”.

وفي محل مصلح سياح أوربيون اقتنوا تمثال الطفل يسوع والأم مريم، فيما تصل أسعار بعض التحف الفنية الكبيرة المكونة من عدة مجسمات إلى خمسة آلاف دولار حسب مصلح، لافتا إلى أن غالبية التحف المعروضة تناسب كافة السياح وبأسعار مختلفة تعتمد على الحجم وطبيعة العمل.(الاناضول)

عن موقع جريدة القدس العربي


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)