اختراع الكاميرا

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


الإثنين، ٢٦ يونيو/ حزيران ٢٠١٧
جريدة الحياة
إليان حداد


الكاميرا... اختراع التقط اللحظة وغيّر حياة الإنسان


لطالما سعى الإنسان منذ قرون طويلة إلى حفظ مشاهد من حياته يعتبرها ذات أهمية قبل أن تصير مع الوقت ذكريات منسية، حزينة كانت أو سعيدة، لا يمكن العودة إليها. لذلك، كثرت محاولات الإنسان الأول «تأريخ» أيامه، وقد ظهر ذلك عبر النقوش في الكهوف والرسوم على الجدران وفي ما بعد الكتابة الهيروغليفية على ورق البردي، كما كان يفعل المصريون القدماء في سعيهم ربما لإخبارنا بأسرارهم الكثيرة، وصولاً إلى محاولات الإنسان المعاصر باختراعه الكاميرا بدءاً بأشكالها الأولى وانتهاءً بالرقمية، إلى أن أصبحت هذه الأداة موجودة في الهواتف الذكية المنتشرة بين غالبية الناس ليكون بمقدورهم تصوير كل لحظات حياتهم. لذلك، وبهدف الإضاءة على أهمية هذه الأداة، اختير 29 حزيران (يونيو) يوماً عالمياً للكاميرا.

كلمة كاميرا تأتي من «كاميرا أوبسكورا» التي تعني غرفة مظلمة، وهي العبارة اللاتينية المرادفة لـ «آلة تعرض صورة لحقيقة خارجية على مسطح»، وعملها يشبه إلى حد كبير عمل العين البشرية. إلا أن الكاميرا المتطورة الموجودة اليوم، تغيّرت عن «كاميرا أوبسكورا» كثيراً.

وفي ما يتعلّق بتاريخها، يمكن القول إن لا حسم في ما يخص هوية مخترع الكاميرا. فأول من أعطى وصفاً يشبه الكاميرا كان الفيلسوف الصيني موزي (470 – 391 قبل الميلاد)، وفي القرن الحادي عشر بعد الميلاد، استحوذت تلك الآلة على كتابات وبحوث عالم الفيزياء العربي ابن الهيثم الذي ينسب إليه البعض اختراعها، وكان ملهماً لغربيين كثر عملوا في علم البصريات، أبرزهم جون بيكهام رودجر بيكون وليوناردو دا فينشي ورينيه ديكارت. وعام 1826، وُلدت أقدم صورة فوتوغرافية وقد «صنعها» المخترع الفرنسي جوزيف نيسيفور نييبس بمساعدة المخترع لوي جاك ماند داغير الذي ساهم كثيراً في تطوير كاميرا أوبسكورا وسمى عملية التصوير داغيريوتيب. وما زالت الصورة موجودة واسمها «فيو فروم ذا ويندوو آت لو غرا».

عام 1839، صمم ألفونس جيرو أول كاميرا تجارية على النمط الذي اخترعه داغير، وكانت عملية التصوير تستمر من 5 إلى 30 دقيقة. لذلك، أراد شارل شوفالييه أن يطورها لتصبح أسرع، فعمل عليها خصوصاً في ما يتعلّق بعدستها إلى أن أصبحت عملية التصوير تأخذ 3 دقائق، كما أضاف مثلثاً خارجياً لتصبح الصورة أدق وأوضح. وفي ألمانيا كانت هناك أيضاً محاولات لتطوير الكاميرا، من أبرزها محاولة بيتر فريدريش الذي ابتكر كاميرا بمزايا جديدة ومطورة كثيراً عن سابقاتها، عاونه في ذلك يوزيف بيتزفال الذي صمم له العدسات. وكانت تلك الكاميرا أسرع بثلاثين مرة من الأوبسكورا التقليدية الفرنسية، وكانت تستعمل خصوصاً للصور الشخصية (البورتريه).

ومع الوقت بدأت وتيرة عملية تطوير الكاميرا تتسارع مع تقدم التكنولوجيا، إلى أن أصبح هناك سوق للكاميرا وتَنَافُس بين شركات نشأت لتكون الرائدة في مجال التصوير، وكانت أولاها شركة «كوداك» التي أنشأها جورج إيستمان الذي بدأ عمله في بيع أفلام الكاميرا عام 1888.

من الكاميرا أوبسكورا تفرعت كاميرات كثيرة لا تعد ولا تحصى، وكل منها مخصصة لأمر معين، فمنها ما تركّز على الحركة ومنها ما تركز على الوجوه ومنها ما تكاد أن تكون أسرع من الضوء. ومهما اختلفت وتنوعّت، تبقى تلك الآلة من أهم الاختراعات لأن الصورة بالغة الأهمية في حياة الإنسان وتؤدي دوراً في مناحٍ كثيرة منها، من أبسط يومياتنا، إلى الفنون، والطب، والتأريخ، واستكشاف الفضاء... وصولاً إلى الصورة المتحركة التي «أنجبت» السينما والتلفزيون.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)