ثقافة - سياحة - تراث - Culture - Tourisme - Patrimoine

أغاني التوك توك في مصر.. من كل لون Chansons - Egypte

, بقلم محمد بكري


جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط
السبـت 13 صفـر 1433 هـ 7 يناير 2012 العدد 12093
الصفحة : عين الشرق
القاهرة : محمد السويدي


من أحمد عدوية إلى «عمرو حاحا» و«شخاليلو»


توك توك.. في أحد شوارع القاهرة («الشرق الأوسط»)

يبدو أن قصص وحكايات «التوك توك» في مصر لن تنتهي، فمع اتساع انتشاره كوسيلة مواصلات رئيسية، وبخاصة في الأحياء والمناطق الشعبية حيث الأزقة والشوارع الضيقة الملتوية، فرض «التوك توك» (وهو وسيلة مواصلات رخيصة في الأحياء الشعبية) ثقافته وعالمه الخاص. والطريف أن هذا العالم لم ينفصل عن التراث الشعبي لهذه الأحياء المعروفة بروح الدعابة والمزاح والسخرية، أو ما يطلق عليه «روح ابن البلد».

تحت مظلة هذه الروح انتهج «التوك توك» لنفسه خطا للدعاية، فاردا جسمه المكتنز الضئيل ساحة لها. وبحسب مزاج صاحب «التوك توك» وثقافته وسنوات عمره وخبرته، تنوعت خطوط الدعاية، فمنها ما يعزف على وتر الرقية والخوف من الحسد، من قبيل «ما تبصليش يا عبيط ده أنا جايبها بالتقسيط»، و«ما تبصليش باشمئناط الحلوة عليها أقساط»، أو «ما تبصليش بعين رديه بص في اللي اندفع في»، و«الحلوة مش ورث دي جاية بطلوع الضرس». ومنها ما يفضل التوسل بحب الله والرسول، صلى الله عليه وسلم، وبأدعية وآيات قرآنية، مثل «باسم الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله»، و«الرزق من عند ربنا وأنا بحب الرسول»، و«أسد الله حمزة بن عبد المطلب»، و«يا عبد قول يا رب»، و«ربك الرزاق مش أنت يا إنسان»..

ثم هناك نصيب وافر في هذه الدعاية للحكمة الاجتماعية، والفخر والتباهي، والسياسة والتعبير العاطفي عما يجيش في الوجدان تجاه الحبيبة والأخوة، من أمثال: «دلوقتي مفيش صاحب بيتصاحب بس أنا لقيت لي صاحب»، و«أنا مش طمّاع جرّب واركب معايا»، و«مهما زاد ثمن البنزين أنا أجرتي زي ما هيّ»، و«أنا حسن عبده أنت مين؟»، و«ماليش في السياسة ولا حتى في الغلاسة»، و«بو تش للسياحة.. شرم الشيخ على السريع»، و«احجز مكانك قبل فوات الأوان»، و«الحلوة دي كيداهم»، و«بحبك يا سمسم وبحبك يا هدهد»، و«انتي اللي في القلب يا نوجا»، و«أبو ندى وبس»، و«شكمان العاطفي»، و«العقرب المميت»، و«المهراجا»، و«الأسطورة».. وغيرها الكثير من تعليقات الدعاية لـ«التوك توك».

أما عن تكلفة هذه التعليقات وسبب كتابتها، وكذلك عن أشهر المطربين والأغاني التي لا يمل سائقو «التوك توك» من سماعها ليل نهار، وتجعلهم يتلوون بتكاتكهم الجهنمية كالثعابين في شقوق الأزقة والحارات.. فيقول أحمد عبده، وهو سائق «توك توك» عمره 33 سنة، «اللقب المكون من اسم واحد يتكلف عشرين جنيها، أما التعليقات الطويلة فيتراوح ثمنها بين 50 و100 جنيه، وهي (لزوم الروشنة)».

ولفت عبده إلى أن كل واحد من أصحاب «التوك توك» يختار التعليق الذي يحبه ويطلب من مكتب الدعاية والإعلانات وضعه على ظهر «التوك توك» أو في أي مكان يفضله.

ومن بين كرنفالات التعليقات فضّل عبده اسم «المهراجا» على «التوك توك» الخاص به، ويرجع سبب التسمية إلى حبه لمغامرات الهنود وما يسمعه عنهم، وظهور قصة المهراجا في أكثر من فيلم عربي.. ويكمل أحمد عبده: «ابن عمي اسمه خالد وكتب على التوك توك الذي يملكه (خالد طيارة) وهو أسرع واحد يقود (توك توك) في شبرا الخيمة القريبة من القاهرة، وفي أكثر من مرة حذره رجال المرور على كوبري عرابي بسبب سرعته الجنونية وسحبوا منه تصريح السير الذي حصل عليه من الوحدة المحلية بحي غرب شبرا الخيمة؛ لكنه مع ذلك لا يرتدع، وقد كان يعمل سائقا على سيارة أجرة (ميكروباص)».

أما أشرف مصطفى، فقد وضع عبارة «أسد الله حمزة بن عبد المطلب» لأنه يحبه جدا، ولقد أطلق على أول مولود له اسم حمزة وهو يتمنى أن يصبح مثله، كذلك تمنى أشرف أن يقوم كل سائقي «التوك توك» بوضع آيات قرآنية وأسماء الشخصيات الإسلامية على مركباتهم بدلا من الكلمات العاطفية والكلمات التي تشير إلى أسماء بنات معينة، «لأن هذا غير مقبول». كذلك يرفض أشرف المغالاة في سعر التوصيلة التي يطلبها من الراكب.

هذا، ويترافق مع حالة المزاج التي تكشف عنها تعليقات الدعاية هذه حالة أخرى لا تقل طرافة وهي الأغاني التي يتكرر سماعها في «التكاتك» (جمع توك توك) وتكاد تشكل مملكة خاصة. فهؤلاء المغنون يخرجون من عباءة المناطق الشعبية، وقلما يعرفهم أحد خارج هذا العالم. ويبدو من كلمات الأغاني أنها موجهة على نحو خاص لطائفة سائقي «التوك توك»، فهي تدغدغ مشاعرهم وواقعهم الاجتماعي. وبعدما سيطر المطرب الشعبي أحمد عدوية على مزاج فئة سائقي التاكسي والميكروباص لسنوات، تغير الحال مع دخول «التوك توك» على الخط، وأصبح من أشهر مغنيه - كما يقول سعد البرنس، وهو صاحب محل لبيع شرائط الأغاني - عمرو حاحا وأغنيته «هنريحهم براحة» وهو من حي عين شمس (شرق القاهرة). كذلك برزت أغنية «اضرب لك حجرين» للمطرب شخاليلو، و«هاتي يا بت بوسة» للمطرب أبو طه وكلاهما من أرض المحلاوي بشبرا الخيمة، و«عيني يا ليل يا ليل» للمطرب ميشو، و«شقاوة وقشطة على بنت الحتة» للمطرب أشرف كابو، والمطربان الأخيران من منطقة مساكن الوحدة بشبرا الخيمة. أيضا برزت أغنية «مهرجان المنتزه» للمطرب محمود فيجو بحي السلام و«فرحة وزة» للمطرب وزة، و«أنا بأقل اللي عليا» للمطرب أورتيجا، وكلاهما من حي المطرية (شرق القاهرة).

ويضيف البرنس «قلة من سائقي التكاتك يستمعون إلى الأغاني الرومانسية لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وبالمثل قليلون يستمعون إلى حسن الأسمر وعبد الباسط حمودة وسعد الصغير. أما نحن فنقوم بتحميل الأغاني على الفلاشة بنحو 10 - 15 جنيها على حسب المساحة».

عن موقع جريدة الشرق الأوسط


جريدة الشرق الأوسط، صحيفة عربية دولية رائدة. ورقية وإلكترونية، ويتنوع محتوى الصحيفة، حيث يغطي الأخبار السياسية الإقليمية، والقضايا الاجتماعية، والأخبار الاقتصادية، والتجارية، إضافة إلى الأخبار الرياضية والترفيهية إضافة إلى الملاحق المتخصصة العديدة. أسسها الأخوان هشام ومحمد علي حافظ، وصدر العدد الأول منها في 4 يوليو 1978م.
تصدر جريدة الشرق الأوسط في لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية البريطانية للأبحاث والتسويق، وهي صحيفة يومية شاملة، ذات طابع إخباري عام، موجه إلى القراء العرب في كل مكان.

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)