أغاني الأم والطفل بين الأمس واليوم

, بقلم محمد بكري


جريدة الحياة


السبت، ٢٢ مارس/ آذار ٢٠١٤
جريدة الحياة
الياس سحّاب


لا تكاد تمر مناسبة من المناسبات الوطنية أو الاجتماعية إلا تجعلنا نستعيد أيام العصر الذهبي للموسيقى العربية، حين كانت كل مناسبة من تلك المناسبات تحرك قرائح شعراء الأغنية والملحنين والمغنين، فيتحفوننا بروائع ما تلبث أن تتحول إلى جزء أساسي من رصيد ذلك العصر الذهبي، ما زلنا نعود إليه حتى يومنا هذا الذي دخلنا فيه منذ ثلاثة عقود على الأقل، في حالة من الجفاف الثقافي والفني، يزداد يوماً بعد يوم ويحتل شاشات الفضائيات العربية وسائر أجهزة الإعلام العربية، فتجدنا نكرر أغنيات لا تلبث أن تخرج من الأذن اليسرى فور أن تدخل من الأذن اليمنى. فإذا شاء أحدهم في أي من برامج هواة الغناء التي أصبحت تملأ شاشات الفضائيات العربية أن يلفت النظر إلى خامة صوتية غير عادية أو أداء غنائي متميز يتمكن منه، فلا يجد أمامه طريقاً آخر سوى أن يغرف من معين الرصيد الغزير لأيام العصر الذهبي ثقافياً وموسيقياً، فيتأكد من أنه سيضمن حتماً أن يبهر الأسماع والأبصار.

مناسبة عيد الأم هذه السنة تعود بنا، ككل سنة، إلى ذكريات أيام الأغنيات الخالدة التي كانت تتدفق بها عبقرية شعراء الايام الغابرة وموسيقييها ومطربيها، احتفاءً بالأم، أو اهتماماً بالطفل والطفولة، أو ما إلى ذلك من موضوعات اجتماعية حساسة.

نذكر على سبيل المثال لا الحصر في مثل هذا اليوم إحدى أشهر أغنيات عيد الأم التي صاغها الموسيقار محمد عبد الوهاب لحناً رائعاً على شعر أحد شعرائه المفضلين حسين السيد، «ست الحبايب يا حبيبة»، التي أسند إنشادها إلى أحد الأصوات النسائية المفضلة لديه: فايزة أحمد، بعد أن كان قد اعتزل الغناء رسمياً في مطلع الستينات، لكنه من شدة ارتباطه بالعلاقة الخاصة التي كانت تربطه بوالدته، خاصة في أيام طفولته وشبابه، حتى كان يردد أن الانسان لا يشعر بتقدمه في العمر، إلا بعد أن يفقد والدته، عاد فسجل الأغنية بصوته على آلة العود، فأصبح لدينا تسجيلان لهذه الأغنية الجميلة يتنافسان في الجودة الفنية الرفيعة.

من أغنيات الأم الشهيرة أيضاً تلك التي لحنها محمود الشريف (صاحب نشيد «الله أكبر») للمطربة المحبوبة شادية، والتي يقول مطلعها

ماما يا حلوة، يا أجمل غنوة

يا أول كلمة نطقها لسانــــــي

فجاء اللحن والغناء مؤثرين بدرجة عالية ما زالت راسخة في أسماعنا حتى اليوم.

بعد ذلك وضع الأخوان رحباني لمطربتنا الكبيرة فيروز واحدة من أجمل أغنيات الأم في الموسيقى العربية

أمي نداء الحنان

وصفــــو الأمـان

وأسعد حلمــــــي

جاء اللحن والغناء فيها في ذروة نماذج الأسلوب الرحباني في التلحين والأسلوب الفيروزي في الغناء.

ولعل من أجمل ما زال في ذاكرتنا حتى اليوم من أغنيات الأم، تلك التي كتبها صلاح جاهين وصاغها لحناً كمال الطويل لصوت سعاد حسني المتعددة المواهب

يا ماما، يا أمي، يمــاتــــي

سلاماتي احتراماتي قبلاتي

أغاني الأطفال

ولعل ما نستذكره بمناسبة عيد الأم هذا أغنيات الطفولة التي طالما اجتهد الفنانون في الإبداع بصياغتها في العصر الموسيقي الذهبي. نذكر منها أولاً أغنيات الموهوب موسيقياً وغنائياً محمد فوزي «ماما زمانها جاية» و «ذهب الليل طلع الفجر»، بعد ذلك درجت في لبنان مجموعة من أغنيات الأطفال ذات الطابع التربوي على درجة فنية جيدة وبأسلوب مدرسي ناجح، إلى أن قدم لنا الفنان الخالد شوشو عدداً من أغنيات الأطفال الناجحة، من ألحان الياس الرحباني.

أما في القاهرة، فقد تواصل هذا الخط أولاً مع الملحن السوري المتمصر محمد ضياء الدين، الذي أبدع مجموعة من أغنيات الأطفال التي جمعت بنجاح الطابع التربوي إلى المستوى الفني الجيد.

لكن أكثر من بذل جهداً موسيقياً في أغنيات الأطفال الفنان المبدع عمار الشريعي، الذي لحن من أشعار سيد حجاب ما لا يقل عن شريطين كاملين غنتهما باقتدار وتفوق عفاف راضي، ولعلهما كانا آخر ما سمعنا من أغنيات راقية للطفل في الموسيقى العربية.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)