عن ولادة رسم حنظلة للفنان الراحل ناجي العلي

, بقلم محمد بكري


جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
السنة الثامنة والعشرون العدد 8611 الاثنين 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 - 9 محرم 1438 هـ
سليمان الشّيخ - كاتب فلسطيني


أين ومتى ولد حنظلة ؟


في الآونة الأخيرة، نشرت أخبار ومعلومات في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية عن الفنان المبدع المرحوم ناجي العلي، وتوقيعه الأخير المتمثل في الصبي «حنظلة»، وهو ما كان يفاخر به ناجي كونه يمثل ضميره، وما يدور حقيقة في وجدانه والتعبير عن حقيقة مواقفه، وأجد أن ما نشر – كما أجتهد وأعرف – فيه بعض الأخطاء والمعلومات غير الدقيقة، من ذلك:

ولادة حنظلة : المعروف أن الفنان ناجي العلي، انتقل للعمل في جريدة «السياسة» الكويتية عام 1968، بعد أن كان يعمل في مجلة «الطليعة» منذ عام 1963، وهناك أي في جريدة «السياسة» تابع الفنان ناجي العلي حواره مع نفسه ونقاشه مع زملائه وأصدقائه حول معنى «الحنظل»، وهو نبات مر شديد المرارة، وظل المر في ذهن الفنان إلى أن استقر على تجسيد توقيعه بالطفل حنظلة، الذي يحمل البراءة والتعبير الواضح والصريح عما يجب قوله وفعله.

وفعلا فإن الفنان وفي 13/8/1969 أرفق مع بيان نشره، الرسم الأول لحنظلة، الذي ولد على صفحات جريدة «السياسة» الكويتية في ذلك اليوم، وليس على صفحات مجلة «الطليعة»، كما ذكر أحد الكتاب، ومن صفات حنظلة في تلك الرسمة الأولى أنه كان متقوقعا على نفسه، غير واضح المعالم، يشبه الضفدعة إلى حد ما، ولا يحمل على رأسه أشواكا أو مسامير، ويمكن الرجوع في هذا المجال إلى عدد جريدة «السياسة» الصادر في 13/8/1969. كما يمكن الرجوع إلى كتاب «كامل التراب الفلسطيني – من أجل هذا قتلوني» لمحمود كلم الصادر في بيروت عام 2001 عن دار بيسان للنشر وفي الصفحة 83، وتكرر نشر رسمة حنظلة مكبرة في الصفحة 85 من الكتاب.

ويمكن أن يشار إلى أن حنظلة أخذ يكتب صفاته المكتملة بالتدريج وفي رسمات متعددة لاحقة، وقد أرفق الفنان مع رسم حنظلة بيانا جاء فيه: «قال حنظلة: عزيزي القارئ إسمح لي أن أقدم لك نفسي.. أنا أعوذ بالله من كلمة أنا.. اسمي حنظلة، اسم أبي مش ضروري، أمي اسمها نكبة، وأختي الصغيرة.. نمرة رجلي ما بعرف لأني دايما حافي.. ولدت في 5 حزيران/يونيو 67.. جنسيتي.. أنا مش فلسطيني، مش أردني، مش كويتي، مش لبناني، مش مصري، مش حدا.. إلخ.. باختصار معيش هوية ولا ناوي أتجنس.. محسوبك إنسان عربي وبس. التقيت صدفة بالرسام ناجي كاره شغله، لأنه مش عارف يرسم.. وشرح لي السبب.. وكيف كل ما رسم عن بلد.. السفارة بتحتج.. الإرشاد والأنباء بتنذر.. بيرسم عن علتان شرحه.. قللي الناس كلها أوادم.. صاروا ملايكة.. والأمور ما فيش أحسن من هيك.. وبها الحالة عن شو بدي أرسم.. بدي أعيش، وناوي يشوف شغلة غير هالشغلة.. قلتله إنت شخص جبان وبتهرب من المعركة، وقسيت عليه بالكلام، وبعدها طيبت خاطره.. وعرفتو عن نفسي وإني إنسان عربي واعي.. بعرف كل اللغات وبحكي بكل اللهجات، معاشر كل الناس المليح والعاطل والآدمي والأزعر، كل ابتاع.. اللي بيشتغلوا مزبوط واللي هيك وهيك.. ورحت الأغوار وبعرف مين بقاتل ومين بطلع بلاغات بس.. وقلتله إني مستعد أرسم عنه الكاريكاتير كل يوم وفهمته إني ما بخاف من حدا غير من الله، واللي بدو يزعل يروح يبلط البحر.. وقلتلو عن اللي بيفكروا بالكندشن والسيارة وشو يطبخوا أكثر مما يفــــكروا بفلســـــطين.. ويا عزيزي القارئ.. أنا آسف لأني طــــولت عليك وما تظن أني تعمدت هالشي عشان أعبي هالمساحة.. وإني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن صديقي الرسام أشكرك على طول.. وبس.. وإلى اللقاء غدا وبتاع».

هذا ما جاء في البيان الذي بشر بولادة حنظلة في 13/8/1969 على صفحات جريدة «السياسة» الكويتية. ويمكن الإشارة إلى أن البرلماني الأسبق أحمد النفيسي رئيس مجلس إدارة مجلة «الطليعة» في مرحلتها الأخيرة وقبل إغلاقها، كتب مقالا بتاريخ 23/3/ 2016، ذكر فيه أنه التقى الفنان ناجي العلي بعد أن ترك العمل في مجلة «الطليعة» وانتقل للعمل في جريدة «السياسة» عام 1968، وسأله عن مساحة الحرية التي تتوفر له في عمله الجديد، فأجابه الفنان ناجي بأنه راض عن تلك المساحة، فبارك له النفيسي عمله الجديد.

ومن الأخطاء التي كررها بعض الكتاب القول إن الفنان ناجي العلي انتقل للعمل في جريدة «السياسة» بين عامي 1972 و1973، والحقيقة أنه انتقل للعمل في «السياسة» عام 1968 كما ذكرنا من قبل. كما أن بعض المصادر ذكرت أن الفنان ناجي العلي، التحق للعمل في جريدة «السفير» اللبنانية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وهذا الأمر غير صحيح، إذ أنه التحق بجريدة «السفير» في السنة الأولى لصدورها، أي عام 1974. هذا ما لفت انتباهي في المعلومات المتداولة في بعض الصحف وفي بعض المواقع الإلكترونية عن الفنان المبدع المرحوم ناجي العلي، وتنقلاته للعمل في بعض الصحف والمجلات، وعن «حنظلة» أيقونته المستمرة حتى اليوم ولأيام مقبلات.

عن موقع جريدة القدس العربي

عدد المقال في جريدة القدس العربي بالـ pdf


صحيفة القدس العربي هي صحيفة لندنية تأسست عام 1989.


عن الصورة المرفقة بالمقال

عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)