سعاد حسني... بدايات أخت القمر

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
السبت 08-07-2017
الصفحة : ثقافة
محمود الزيباوي


سعاد حسني... بدايات أخت القمر


<article4158|cycle|docs=4897,4898,4899,4900,4901>


أحيت وزارة الثقافة المصرية هذا الأسبوع ذكرى رحيل سندريلا الشاشة العربية الفنانة سعاد حسني بعرض مجموعة من أفلامها في سينما “الهناجر” التابعة لدار الأوبرا. حملت هذه التظاهرة توقيع المشرف على النشاط السينمائي في قطاع التنمية الثقافية المخرج السينمائي أشرف فايق، وضمت سبعة أفلام قدّمتها “سندريلا الشاشة العربية” بين عام 1966 وعام 1983، وغاب عنها أي فيلم من مرحلة البدايات.


في خريف عام 1958، نشرت مجلة “آخر ساعة” خبرا حمل عنوان “أخت نجاة الصغيرة في السينما”، وقالت إن السينما أصبحت ميدانا لكتاب الإذاعة، وأن آخر القصص الإذاعية الشهرية التي ستتحول إلى فيلما سينمائيا هي قصة “حسن ونعيمة” التي كتب حلقاتها عبد الرحمن الخميسي. اختار هنري بركات هذه القصة لإخراجها، وشارك محمد عبد الوهاب في انتاجها للسينما، و"اكتشف أختا لنجاة الصغيرة من والدها، وأجرى لها الاختبار السينمائي، وأسند إليها دور نعيمة"، كما أسند دور حسن إلى مطرب جديد أطلق عليه اسم محرم فؤاد.

بدأ عرض “حسن ونعيمة” في مطلع العام التالي، وشكّل بداية لانطلاقة سعاد حسني في ميدان السينما. في تشرين الثاني-نوفمبر، نشرت مجلة “الكواكب” مقالة من توقيع النجمة الجديدة، وجاء في المقدمة: “أنا رقم 10 بين ذرية احصاؤها 11. وكنت أُدلّل كما يُدلّل آخر العنقود، وكان أبي يسعى من أجلنا جميعا، وأمي تسهر على الباكي والشاكي ولا تسخط يوما ولا تثور على دنياها. وأنا في سن صغيرة، وقع خلاف بين أمي وأبي، وعشت مع أمي مرة، وعشت مع أبي مرة، واليوم أعلنت الاستقلال في ظل شقيقين هما عز الدين وسامي. وأختي سميرة التي تكبرني طرقت لي أول باب من أبواب المستقبل، فقد تزوّجت أحمد خيرت، وهو كاتب أناشيد وله صلة وثيقة ببرنامج بابا شارو الذي يعدّ أكثر أناشيده، وكنت مولعة أشد الولع ببرنامج بابا شارو، وكان أحمد خيرت يترقّب موهبتي وهي تتفتّح، فلما استطعت أن أنطق حروف الأبجدية كاملة أخذني إلى بابا شارو كاكتشاف له شأن. لعلّني أردت اقتحام ميدان من ميادين الفن من باب الوراثة عن أبي الفنان الذي يُعتبر خطّه سلاسل ذهب، ومن باب التقليد لأشقّائي وشقيقاتي، فهذا خطّاط، وذاك رسّام، وتلك نجاة تغني، ورابع يعزف على الكمان. وكان أحمد خيرت يصنف الأغاني لي وأقولها أمام الميكروفون فيسمعها ألوف الأطفال في مصر”.



اشتهرت الطفلة بأغنية “أنا سعاد أخت القمر/ بين العباد حسني اشتهر”، ودخلت المدرسة في فترة كانت تعيش فيها مع أمها بعيدا عن والدها، وعندما بلغت السادسة عشر، رشّحها أحمد بدرخان لتلعب دورا في فيلم “غريبة” مع أختها نجاة التي اعترضت وقالت انها “لسه صغيرة”، فلم تجادلها، وانسحبت وسحب الدموع تتجمّع في عينيها، وظلّت تبكي حتى انتهى اخراج الفيلم. بعدها، قدّمها صديق الأسرة عبد الرحمن الخميسي إلى هنري بركات يوم شرع بالبحث عن وجه جديد يلعب دور “نعيمة”، فأجرى لها اختبارا سريعا في الأستوديو، وكان الجمهور يومها مجموعة من الفنيين والعمّال يحدّقون فيها ويقولون: “شايفين اخت نجاة، والله حلوة، طيّب لما نشوف حاتعمل ايه”. نجحت الصبية في هذا الامتحان، وبدأت مشوارها السينمائي بطلة في فيلم من إخراج بركات، وبذلت كل ما تملك من حماسة واجتهاد لتصل إلى مستوى يرضى عنه المخرج والجمهور، وفي ليلة الافتتاح، وصلت إلى باب سينما ميامي، فقال لها الرجل الواقف أمام المدخل: “تذاكر يا مدموازيل”، فردّ أخوها محتجا: “جرى ايه يا أستاذ مش عارف دي مين؟”، واندفع محمد عبد الوهاب وهو يمد لها يده مصافحا، وقال للرجل: “اخص عليك يا أخي، مش عارف سعاد حسني”، فردّ معتذرا: “أصل كل الصور اللي شفتها لها فلاحي، مش متصوّر شكلها وهي بنت مصراوية”.



بعد “حسن ونعيمة”، ظهرت سعاد حسني في خمسة أفلام عُرضت خلال عام 1960، أبرزها “البنات والصيف” الذي لعبت فيه دور سميحة شقيقة عبد الحليم حافظ، و"إشاعة حب" الذي جسّت فيه دور ابنة عم عمر الشريف المغرمة بابن خالتها الشاب لوسي، الشاب الذي يجيد الرقص والغناء الإفرنجي. واصلت الممثلة الشابة صعودها، وشاركت في سبعة أفلام عُرضت في العام التالي، أشهرها اليوم “أعز الحبايب” و"السفيرة عزيزة"، ثم ظهرت في ثلاثة أفلام سنة 1962. حققت سعاد حسني نجاحا لافتا في هذه الفترة القصيرة، وظهرت على الشاشة في سبعة أفلام سنة 1963، تبعتها سبعة أفلام أخرى في 1964، وثلاث في 1965، واشتهرت بأدوارها الكوميدية الخفيفة، وباتت نجمة ما سُمّي بـ"السينما الشبابية"، وحقّقت نجاحا كبيرا في سنة 1966 حيث ظهرت في تسعة أفلام، اشهرها جماهيريا “صغيرة على الحب”، وأعظمها فنيا “القاهرة الجديدة”.



في طفولتها، غنت سعاد حسني في برنامج “بابا شارو”، وعندما دخلت عالم السينما في سنة 1959، قيل: “أخت نجاة لا تغني، لكنها ستمثّل فقط”، كما جاء في الخبر الذي نشرته مجلة “آخر ساعة”. في 1961، غنت الممثلة الصاعدة لأول مرة في السينما مع ماهر العطار ومحمد جمال وطروب في ثالث أفلامها “ه 3”، وفشل هذا الفيلم فشلا ذريعا. في 1966، عادت سعاد للغناء في فيلم “صغيرة على الحب” وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، وفيه غنت من كلمات حسين السيد ألحان محمد الموجي، وحقّقت نجاحا كبيرا جعل منها نجمة من “نجمات الشباك” الأول في مصر والعالم العربي. في ذلك العام، أدار صلاح أبو سيف سعاد حسني في “القاهرة 30” المأخوذ عن قصة نجيب محفوظ “القاهرة الجديدة”، وفيه جسّدت دور أحسان شحاتة، الصبية التي يرغمها الفقر والضياع على السقوط فريسة لوكيل الوزارة قاسم بك، والزواج الشكلي من الشاب الوصولي محجوب عبد الدايم، الصديق السابق لحبيبها المناضل علي طه. لمعت سعاد في هذا الدور، وأثبتت أنها ممثلة من الطراز الرفيع كما شهدت الصحافة لها، وخطت “إلى مرحلة جديدة من حياتها الفنية”، كما كتبت “الشبكة” عند عرض الفيلم.

بالتزامن مع هذا النجاح، حيّا عبد السلام النابلسي النجمة المتالّقة، وكتب في صفحته الأسبوعية “نجوم على الأرض”: “متشعبة الطموح. كثيرة الأحلام. الطموح أوصلها إلى الشهرة. والأحلام أوصلتها إلى الأفلام. ذكية أريبة. وإلى القلوب قريبة. خفة في الدم وفي الظل. كلامها لا يمل. نشاطها لا يكل. تمشي أحيانا ولا تعرف إلى أين. وتقف حينا ولا تعرف لم الوقوف. وتارة يختلط عليها الأمر فتكاد لا تعرف اليمين من الشمال. وكل هذا من طيبة القلب. فعسى أن تأخذ العبر. وهي تسير من ظفر إلى ظفر”.

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة


حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)