الإنترنت في مواجهة التلفزيون

, بقلم محمد بكري


جريدة المدن الألكترونيّة


جريدة المدن الألكترونيّة
الأربعاء 31-05-2017
المدن - ميديا
أحمد ندا


الإنترنت في مواجهة التلفزيون : مسار جديد للتنافس الرمضاني



الدراما في المنطقة العربية لها خصوصية: بنيتها السردية معتمدة غالباً على 30 حلقة، هيمنة الصيغة الاجتماعية على معظم منتجاتها، واعتمادها على الحوار كعنصر قوة أكثر من السيناريو والبناء المحكم، من دون وجود اختلافات جذرية هنا بين الدراما المصرية والسورية والخليجية. على أن المشترك بينها جميعاً، اعتمادها الأساسي على شهر رمضان كموسم لذروة المشاهدة والعرض.

ولعل ذلك هو السبب الأساس للسمات المذكورة، لأن الرهان في رمضان يكون دائماً على تقديم دراما قادرة على الصمود ثلاثين حلقة تربط المشاهد بالشاشة. وهكذا، ارتفعت وتيرة الإنتاج الرمضاني خلال العقود الثلاثة الماضية، وخرج من حيز الإنتاج الحكومي إلى القطاع الخاص. ومع زيادة القنوات والشبكات الخاصة، زاد الطلب على المسلسلات، وتكاثرت شركات الإنتاج والعروض، حتى صار الموسم الرمضاني مزدحماً بعشرات المسلسلات، التي تتجاوز 100 مسلسل عربي لهذا العام.

لكن لاعباً جديداً في السوق، بدأ يفرض سلطته على المعروض في السنوات الأخيرة، وهو الإنترنت، كوسيط عرض أقل إزعاجاً من الشاشات، عبر التحكم في الكم الإعلاني المعروض في الفواصل. والأهم، ظهور أجيال جديدة لا تمتلك أي نوستالجيا تربطها بشاشة التلفزيون، وتبحث عن بديل أكثر ألفة. صحيحٌ أن الموسم يشهد نسب مشاهدة مضاعفة مقارنة ببقية العام، إلا أن نسب المشاهدة هذه لم تعد محصورة في التلفزيون، بل انتقلت إلى اللاعب الجديد: عشرات مواقع القرصنة المجانية التي تعرض المسلسل بعد ساعات من قليلة من عرضه على الشاشة.

وأيقظت نسب المشاهدة المرتفعة عبر الإنترنت، المنتجين، من سباتهم في السنوات الأخيرة، وبدأوا يعون أن ذلك المدخل الجديد يقتطع من نسب مشاهدتهم، وبالتالي من رأس المال الإعلاني الموجه إلى منتجاتهم. فبدأوا بطرح الحلقات الجديدة أولاً بأول في “يوتيوب”، بعد عرضها على الشاشة مباشرة. ولعل أول من قام بتنفيذ هذه الخطوة هو أحمد مكي مع مسلسله “الكبير قوي”، العام 2011 وما بعده، بوعي وحساسية لأن الواقع الافتراضي القادر على تغيير الواقع السياسي، قادر أيضًا على تغيير الثابت الدرامي وقوانينه، وهو ما بدأ يتحقق شيئاً فشيئاً. علماً انه في العام نفسه، دخل موقع “شاهد نت” التابع لمجموعة “إم بي سي”، على خط المنافسة السيبرانية، متأثراً بالرواج العربي لـ"نيتفليكس".

وهكذا، بدأت الصحافة تنبش وراء “المسلسل الأكثر بحثاً في غوغل”، كعلامة من علامات نجاحه الجماهيري. أبطال الأعمال الدرامية أنفسهم يتحدثون عن نسب المشاهدة في “يوتيوب” والمواقع المقرصنة، كدليل على النجاح والرواج. لكن ذلك كله لم “يضبط” الاقتصاديات، كما خُطط له. ومنذ العام 2014، بدأ المنتجون في ملاحقة مواقع القرصنة من أجل حذف الأعمال الدرامية منها، والبحث عن قنوات شرعية لعرض المسلسلات والاستفادة من الاحتمالات الاقتصادية الكبيرة للإنترنت. وحظيت عروض “يوتيوب” بإعلانات خاصة بها، تبث على الشاشات، وظهرت المحاولات لتقديم مادة درامية خاصة بـ"يوتيوب"، وهكذا.

الجديد هذا العام، أن مسلسلاً رمضانياً سيعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط، عبر الإنترنت، قبل عرضه على الشاشة، إذ قررت الشركة المنتجة لمسلسل “سبع صنايع” من بطولة مي سليم وشريف رمزي، عرض العمل عبر الإنترنت في موقع “آي فليكس” (IFLIX)، وهو الموقع المشابه لـ"نيتفليكس" وإن لم يكن بالقوة نفسها.

يأتي ذلك بعدما أسست الشركة القائمة على الموقع، كياناً تجارياً باسم “آي فليكس آرابيا” (IFLIX Arabia) لتوفير خدمات بث المحتوى الترفيهي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يقول شريف رمزي، بطل المسلسل وابن المنتج الكبير الراحل محمد حسن رمزي، في تصريح لـ “المدن” أن “الفكرة جديدة، وتنفّذ للمرة الأولى في تاريخ الدراما العربية، أي أن توافق شركة إنتاج على بيع المسلسل عبر الإنترنت، وجاء ذلك نظراً لبيعه بسعر عالٍ ومربح، وأعتقد أن حجم المبيعات التي يحققها عرض الأعمال الدرامية عبر الإنترنت، كبير، خصوصاً أن الشباب اتجه في الفترة الأخيرة لمشاهدة المسلسلات عبر الإنترنت، باعتبارها المستقبل”.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمسلسلات “خلصانة بشياكة” و"ريح المدام"، ورغم عرضهما على شاشات التفزيون، إلا إن حلقاتهما الأولى تعرضت لمقص الرقيب الأخلاقي الرافض لبعض “الإفيهات” الجارحة من وجهة نظره، فكان عرضهما الكامل عبر “آي فليكس” من دون حذف.

وربما يساهم هذا الاتجاه الجديد للعرض عبر الإنترنت، في فتح مجال جديد أمام دراما جديدة تتكون، مثلما أثرى تعدد القنوات التلفزيونية الدراما وأخرجها من محدوديتها قبل سنوات. وبالتالي، فإن الوسيط الجديد قد يوسع آفاقها، كي تتمرد أخيراً على البنية الثلاثينية للمسلسل الرمضاني، تمهيداً لتوسيع زمن الفرجة إلى ما هو أكثر من شهر واحد في العام.

عن موقع جريدة المدن الألكترونيّة


حقوق النشر

محتويات هذه الجريدة محميّة تحت رخصة المشاع الإبداعي ( يسمح بنقل ايّ مادة منشورة على صفحات الجريدة على أن يتم ّ نسبها إلى “جريدة المدن الألكترونيّة” - يـُحظر القيام بأيّ تعديل ، تغيير أو تحوير عند النقل و يحظـّر استخدام ايّ من المواد لأيّة غايات تجارية - ) لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر تحت رخص المشاع الإبداعي، انقر هنا.


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)