إرث المخرج المصري الراحل يوسف شاهين مع بعض أفلامه 1926-2008

, بقلم محمد بكري


بعض أفلام المخرج المصري الراحل يوسف شاهين المرممة















جريدة الحياة


الجمعة، ٢١ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٦
جريدة الحياة
القاهرة - رحاب عليوة


من «ألف ليلة» إلى «هاملت» معاصر لنا


في البناية الملاصقة لمعبد يهودي، كاد يُنسى لولا قوات الأمن المرابطة أمامه في وسط القاهرة، قام عدد من الشبان بمحاكاة الشرطة في طابق علوي يتم الوصول إليه عبر مدخل فخم وقديم، حاملين على عاتقهم حماية إرث المخرج الراحل يوسف شاهين، بما في ذلك أعمال غير معروفة لجمهور صاحب أفلام «الأرض»، و«عودة الابن الضال»، و«حدوتة مصرية»، و«هي فوضى».

كشف القائمون على مشروع «سينماتك» (مشروع ثقافي لأرشفة السينما المصرية) - بالتعاون مع «شركة أفلام مصر العالمية» التي أسَّسها شاهين في العام 1972 - عن أربعة مشاريع عمل عليها المخرج العالمي في مراحل مختلفة من دون أن تكتمل لظروف يحاولون استكشافها، وهي رؤية سينمائية جديدة لـ «ألف ليلة وليلة»، وفيلم رشح لبطولته عبدالحليم حافظ، وآخر عن رواية «هاملت»، وأخيراً «ندريس»، الذي ذهب إلى اتجاه فانتازي كوميدي.

وحصل مشروع «سينماتك» على مسودات هذه الأعمال من مكتبة شاهين الخاصة، في إطار مشروع أكبر تقوم عليه الشركة بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، لإعداد أرشيف للمخرج الراحل، على أن يتاح للجمهور خلال العام 2018. وعقد «سينماتك» ندوة أخيراً في القاهرة، على هامش معرض صور من كواليس أعمال شاهين، وتسجيلات صوتية له، ونسخ مطبوعة من ملاحظات كتبها بخط يده. وجاء على لسان مدير الندوة نفسها؛ الصحافي محمد المصري أن أرشفة أعمال شاهين تتولاها عناصر من «سينماتك» و «شركة أفلام مصر العالمية» منذ عامين، وتتضمن عشرة مشاريع سينمائية بدأها شاهين، سواء بالكتابة بنفسه أو بصحبة آخرين، بخلاف نسخ عدة من أعماله، ما يتيح فرصة لفهم العقلية «الشاهينية» ومعاييرها في الإضافة أو الحذف إلى أن يخرج العمل بالشكل الذي نراه.

هل ذهبت معه؟

وعن إمكان إعادة إنتاج تلك الأعمال مع الاحتفاظ بـ «الرؤية الشاهينية»، قال المصري، لـ «الحياة» أنه يستبعد حدوث ذلك، لارتباط تلك المشاريع بمرحلة معينة، فضلاً عن صعوبة أن يصل مخرج آخر بها إلى ما كان يبتغيه صاحبها. «ألف ليلة وتاني ليلة»، بذلك الاسم غير الدارج لحكايات «ألف ليلة وليلة» الشهيرة، أراد شاهين أن يقدم رؤيته عن «شهريار وشهرزاد» منطلقاً من نقطة غير التي اعتاد عليها كل من تناول القصة فنياً، فهو كان ينوي الاتكاء على جذور عقدة شهريار، المتمثلة في زوجته الأولى التي أحبَّها بشدة ثم خانته. يقول المصري أن غالبية أحداث العمل وفق رؤية شاهين، تدور في المرحلة السابقة لزواج شهريار وشهرزاد ورواية القصص. وبالتالي فنحن أمام قصة حب في المقام الأول. وهكذا نسج شاهين الخيوط التي ربطت شهريار وشهرزاد. فالأخيرة لم تكن تروي القصص لتعيش انطلاقاً من رغبة وجودية في حب الحياة، وإنما روت لتحافظ على حياتها التي هي بجوار شهريار، الذي أحبته وأشفقت عليه، وانتحرت بعد موته. ليس موتاً على وجه الدقة، بل قتل. فالتعاطف الشاهيني مع شهريار بصفته «رجلاً مغدوراً» نبتت عنده عقدة، لم ينل من عدله، فرأى أن النهاية العادلة لرجل قتل مئات الفتيات بعد ليلة عرسهن، أن يقتل، بعد أن يثور الناس عليه.

«الثورة»؛ كلمة توقف عندها المصري، ليعتبرها الأيقونة الأبرز في شخصية شاهين، والحل السحري عنده هو تحرك الناس، فهو الذي رسم ذلك التحرك في أفلام عدة له. وعلى شاشة العرض ظهرت مجموعة لقطات مدتها ثلاث دقائق تصور التحرك الشعبي في أفلام شاهين، بداية من فيلمه «العصفور» إنتاج العام 1972، و«وداعاً بونابارت»، إنتاج العام 1985، و«هي فوضى» إنتاج العام 2007. علماً بأن مشهد اقتحام السجن في نهاية فيلم «هي فوضى» هو آخر مشهد صوره يوسف شاهين قبل وفاته.

ورجَّح المصري أن يكون شاهين كتب الفيلم في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، وأن يكون السبب في عدم إتمامه، الإنتاج الضخــم الذي يحتاجه، حيث إن ذلك لم يكن ممكناً في وقت عانت فيه السينـــما كما المجتمع من ظروف الحرب. ويشير إلى أن الحوار كــــان مكتوباً بلغة الزجل، ما يؤكد أن مـــؤلفاً ما كتبه برؤية شاهين الذي كان يكتب المشاهد بثلاث لغات؛ الإنكليزية للدقة، والفرنسية للرومانسية، والعربية للحوار.

وإلى الفترة الزمنية ذاتها، يتوقع المصري انتماء المشروع الثاني «حليم»، والذي كان سيلعب بطولته المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، ليس عن قصة حياته، ولن يكون فيه مطرباً كمعظم أفلامه، وإنما «مذيعاً» يبيع مبادئه، ليعبر عن زيف تلك الفترة.

التخلي عن الشهرة

وتدور قصة الفيلم المكتوبة بخط يد غير خط شاهين، عن مذيـــع برامـــج، ذي شخصية مؤثرة، متصـــالح مع فساده، إلى أن يصـور حلقة لطفل يتيم من ملجأ. ولكنه يكتشــف بعد ذلك أن الطفل ليس يتيماً، فيطلب من إدارة القناة عدم عرض الحلقة، لكنهم يرفضون بجملة تلخص رسالة الفيلم: «طول ما الكدب مش ملموس، مش مفـــضـــوح، هما ممكن يقبلوه». إلا أن المذيع يخضع لمراجعات تعينه عليهــا حبيبته ويقرر السفر خارج البلد مستغنياً عن شهرته. وكان من المقرر أن يظهر في الفيلم أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام بشخصيتيهما كشاعرٍ وموسيقي.

أما «هاملت»، رواية شكسبير الشهيرة التي لعبت دوراً محورياً في حياة يوسف شاهين، فأطلَت برأسها في أعماله الذاتية الثلاثة، ومع ذلك ظل هاجسُ أن يُخرج فيلماً عنها يؤرقه. ويوضح المصري أن شاهين كتب نسخاً عدة من «هاملت»، منها نسخة كتبَ ملخصاً لها بالفرنسية، يُسمي فيها هاملت «يوسف»، ويجعل من والده ملكاً لبلد عربي، وحين يسافر الابن في رحلة، يشاهد اغتيال والده عبر الشاشات، فيعود سريعاً ليرى أمه تتزوج من عمه الذي كان مسؤولاً عن جيش تلك الدولة. ثم يظهر له، في حفلة الزواج، رجلٌ يشبه أباه ويخبره أن عمه هو من قتل والده. أما مشروع «ندريس»، فمن المعتقد أن شاهين كتبه في آخر عشر سنوات من حياته، انطلاقاً من موقف حدث له خلال تكريمه في أحد المهرجانات، ويحكي عن عفريت يظهر للبطل ويعرض عليه أن يبيع له نفسه مقابل أن يعيش في النعيم لسبع سنوات.

عن موقع جريدة الحياة


“الحياة” صحيفة يومية سياسية عربية دولية مستقلة. هكذا اختارها مؤسسها كامل مروة منذ صدور عددها الأول في بيروت 28 كانون الثاني (يناير) 1946، (25 صفر 1365هـ). وهو الخط الذي أكده ناشرها مذ عاودت صدورها عام1988.

منذ عهدها الأول كانت “الحياة” سبّاقة في التجديد شكلاً ومضموناً وتجربة مهنية صحافية. وفي تجدّدها الحديث سارعت إلى الأخذ بمستجدات العصر وتقنيات الاتصال. وكرست المزاوجة الفريدة بين نقل الأخبار وكشفها وبين الرأي الحر والرصين. والهاجس دائماً التزام عربي منفتح واندماج في العصر من دون ذوبان.

اختارت “الحياة” لندن مقراً رئيساً، وفيه تستقبل أخبار كل العالم عبر شبكة باهرة من المراسلين، ومنه تنطلق عبر الأقمار الاصطناعية لتطبع في مدن عربية وأجنبية عدة.

تميزت “الحياة” منذ عودتها إلى الصدور في تشرين الأول (أكتوبر) 1988 بالتنوع والتخصّص. ففي عصر انفجار المعلومات لم يعد المفهوم التقليدي للعمل الصحافي راوياً لظمأ قارئ متطلب، ولم يعد القبول بالقليل والعام كافياً للتجاوب مع قارئ زمن الفضائيات والإنترنت. ولأن الوقت أصبح أكثر قيمة وأسرع وتيرة، تأقلمت “الحياة” وكتابها ومراسلوها مع النمط الجديد. فصارت أخبارها أكثر مباشرة ومواضيعها أقصر وأقرب إلى التناول، وكان شكل “الحياة” رشيقاً مذ خرجت بحلتها الجديدة.

باختصار، تقدم “الحياة” نموذجاً عصرياً للصحافة المكتوبة، أنيقاً لكنه في متناول الجميع. هو زوّادة النخبة في مراكز القرار والمكاتب والدواوين والبيوت، لكنه رفيق الجميع نساء ورجالاً وشباباً، فكل واحد يجد فيه ما يمكن أن يفيد أو يعبّر عن رأيٍ أو شعورٍ أو يتوقع توجهات.


عن الصورة


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)