أقباط مصر.. التاريخ والقضية، أبوسيف يوسف (مصر)، تاريخ

, بقلم محمد بكري


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977


جريدة العرب
نُشر في 11-06-2016، العدد: 10303، ص(17)
الصفحة : ثقافة
العرب - محمد الحمامصي


أقباط مصر.. تاريخ من الصراع والوفاق


كتاب يتضمن لمحة سريعة عن الديموغرافية الاجتماعية والدينية للقبط في الفصل الأول بينما يمهد الفصل الثاني للتغييرات الكبرى التي بدأت بعد الفتح العربي.

يتناول كتاب “أقباط مصر.. التاريخ والقضية” لمؤلفه الراحل أبوسيف يوسف وتقديم راجي شوقي ميخائيل تاريخ الأقباط (المصريون المسيحيون) بدءا من العصر القبطي الذي كانت فيه مصر تحت الاحتلال البيزنطي، مرورا بالعصر الإسلامي بكل مراحله وانتهاء بالعصر الحديث.

ويشير أبوسيف في كتابه الصادرة طبعته الأولى عام 1987 عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت والثانية عن دار العين للنشر 2016، إلى أن القِبْط يتبعون حاليا ثلاثة معتقدات رئيسية تمثلها الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية (البروتستانتية). على أن سوادهم الأعظم يتبع الكنيسة القِبْطية الأرثوذكسية التي تعرف أيضا باسم “كنيسة الإسكندرية” و”الكنيسة المصرية”، وهي الكنيسة القومية وأقدم الكنائس في مصر.

ويؤكد أبوسيف أن استقراء تاريخ مصر يظهر أن روابط التكامل بين مسلمي مصر وأقباطها كانت تتأثر بمجموعتين متداخلتين من العوامل: الأولى تتعلق في هذه الفترة التاريخية أو تلك، بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة في المجتمع، وتتعلق الثانية بمكانة القبط أنفسهم في ظل هذه الأوضاع وذلك، على سبيل المثال، من حيث مستوى مشاركتهم السياسية وأنشطتهم الاقتصادية وعلاقتهم بجهاز الإدارة وأيضا بالدور الذي لعبته الكنيسة القبطية. وإن كان هذا كله لا ينفي الدور المستقل الذي تلعبه بعض الموروثات الثقافية من حيث هي كذلك، في إثارة اتجاهات متبادلة من التعصب أو تغليب دواعي التسامح.

وعلى ضوء ذلك يمكن أن يقال مثلا إن في العصور الوسطى كانت علاقة المسلمين والقبط تنحو إلى التوافق أو الاتساق في الوجود بقدر ما كان الحكام يتجهون إلى بناء دولة قوية، تهتم بتنمية الموارد وتعمير البلاد وتشجيع العلوم والفنون. وفي نفس الوقت وعلى سبيل المثال، فقد شكلت الغزوات الصليبية عنصر اضطراب في العلاقة بين المسلمين والقبط. فبقدر ما كانت هذه المرحلة أو تلك وما تمثله من مصدر تهديد للنسق الثقافي للأغلبية، فإنها كانت تفرز إسقاطات على قبط مصر من واقع أن ديانتهم هي ديانة الجيوش الغازية.

وفي العصر الحديث أسهمت مشروعات بناء دولة حديثة في صياغة نموذج متقدم للتكامل بين المسلمين والقبط. ونشير هنا بوجه خاص إلى المشروعات التي طرحها كل من محمد علي، أو البرجوازية المصرية التي تزعمت الثورة العربية أو قيادات ثورة 1919 أو مشروع ثورة يوليو 1952، وذلك على اختلاف وتفاوت التصورات والأسس الفكرية والأهداف الظاهرة لكل مشروع على حدة.

ويتضمن الفصل الأول لمحة سريعة عن الديموغرافية الاجتماعية والدينية للقبط، بينما يمهد الفصل الثاني للتغييرات الكبرى التي بدأت بعد الفتح العربي. فيتحدث عن سمات النسق المصري الذي تفاعلت معه الهجرات العربية، ثم يقدم لمحة عن تاريخ القبط تحت الحكم البيزنطي خاصة في حقبة طالت واستحكمت فيها التناقضات بين الرومان والمصريين بل واستعصت على الحل، ممّا أدى إلى خلق وضع تزايد فيه عجز الرومان عن حكم مصر، وبالمقابل عجز فيه القبط عن تحقيق الانفصال عن بيزنطة.

ويولي المؤلف اهتماما خاصا بالبحث في قضية تكوين مصر العربية، لاعتبارات رئيسية أشار إليها، منها أن التاريخ الاجتماعي لهذه العملية التاريخية لم يكتب بعد، وهو عمل يخرج في الوقت ذاته عن نطاق أي جهد فردي، ومنها أيضا أن الفترة التاريخية ـ خاصة القرون الخمسة الأولى للهجرة ـ كانت محل اجتزاء أو انتقاء أو ضحية نظرات ومناهج مثالية في فهم التاريخ.

ويعرض الفصل الرابع استمرار ارتباط القبط بالنسق الثقافي العام لمجتمعهم الأكبر، وذلك على الرغم من حدوث متغيرات كبرى تمثلت ـ بعد سقوط الدولة الفاطمية ـ في تراجع الحضارة العربية الإسلامية، وقيام سلالات أجنبية غير عربية، وتجدد الحروب الصليبية. فيقدر المؤلف أنه وإن حاقت بالقبط شدائد في بعض العهود إلا أن هذا لم يؤد إلى تهميشهم أو عزلهم. كما قاومت الكنيسة المصرية منذ القرن الثاني عشر كل المحاولات الأجنبية لتحويل ولاءات القبط والمؤسسة الدينية نحو كنائس غربية أو دول أجنبية.

ويتناول الفصل الخامس صيرورة التكامل في إطار محاولات بناء دولة عصرية على امتداد الفترة التي تقع بين أوائل القرن التاسع عشر وقيام ثورة يوليو 1952، ويتعرض الكاتب في الفصل السادس لسعي ثورة يوليو نحو إرساء أسس جديدة للتكامل، ثم لما ارتبط بالتطورات التي وقعت في السبعينات من مظاهر الخلل في العلاقة بين المسلمين والقبط. وأخيرا يعالج المؤلف في الفصل السابع بعض الإشكاليات التي ترتبط بقضايا التكامل بين المسلمين والقبط.

عن موقع جريدة العرب اللندنية

المقال بالـ PDF


العرب : أول صحيفة عربية يومية تأسست في لندن 1977

صحيفة العرب© جميع الحقوق محفوظة

يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر


عرّف بهذه الصفحة

Imprimer cette page (impression du contenu de la page)